قوله رحمه الله: «فَلَمَّا سَوَّوْا غَيْرَهُ بِهِ فِي هَذَا التَّوْحِيدِ كَانُوا
مُشْرِكِينَ» أي: لما سووا غير الله بالله في هذا التوحيد: توحيد المحبة
والعبادة؛ صاروا مشركين، ولم يكونوا مشركين في توحيد الربوبية؛ هم مقرون بتوحيد
الربوبية، وإنما شركهم في توحيد الألوهية.
كَمَا
قَالَ الله تعالى: {ٱلۡحَمۡدُ
لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَۖ
ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ} [الأنعام: 1]؛ فالله عز وجل هو الذي خلق السموات
والأرض وجعل الظلمات والنور، هذا توحيد الربوبية، وهم يعترفون بهذا، ولكنهم يعدلون
بالله غيره في الألوهية، ويعبدون معه غيره.
وَقال تعالى: {ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ}؛ يعدلون الله بغيره؛ بمعنى: أنهم يسوون بين الله وبين غيره في العبادة؛ ولذلك يذبحون لمعبوداتهم، وينذرون لها، ويركعون ويسجدون لها، ويتقربون إليها بأنواع العبادة، سواء كانت هذه المعبودات أصنامًا، أو كانت أشجارًا، أو أحجارًا، أو أضرحة، أو قبورًا؛ فكلها سواء.
الصفحة 5 / 309