فَالجَلاَلَةُ تُعَرِّفُ غَيْرَهَا، وَغَيْرُهَا
لاَ يُعَرِّفُهَا. وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا بِهِ - تَعَالَى - فِي الرُّبُوبِيَّةِ
مِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَ مَعَهُ خَالِقًا آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا: إِنَّهُ
إِلَهٌ مُكَافِئٌ لَهُ وهُمُ المُشْرِكُونَ، وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنَ
القَدَرِيَّةِ.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«فَالجَلاَلَةُ تُعَرِّفُ غَيْرَهَا،
وَغَيْرُهَا لاَ يُعَرِّفُهَا» فكل أسماء الله وصفاته ترجع إلى الله، وهو
الاسم الأعظم، وهذا الاسم لا يسمى به غير الله، ولا أحد تسمى به، حتى فرعون لم
يقل: «أنا الله»، بل قال: {أَنَا۠
رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ}
[النازعات: 24]، {مَا
عَلِمۡتُ لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرِي}
[القصص: 38]، ولم يقل: «أنا الله»،
ولا أحد في الخلق مؤمنهم وكافرهم يسمى «الله»
أبدًا.
قوله
رحمه الله:
«وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا بِهِ - تَعَالَى
- فِي الرُّبُوبِيَّةِ مِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَ مَعَهُ خَالِقًا آخَرَ» هذا
جواب كلامه السابق بأنه سيأتي حين قال: «على
أن منهم من أشرك في الربوبية كما يأتي بعد ذلك - إن شاء الله تعالى» يعني:
منهم من أشرك به في الخلق؛ كالمجوس الذين جعلوا خالقين: خالقًا للنور، وخالقًا
للظلمة، أو خالقًا للشر، وخالقًا للخير، وهذا عند المجوس الثنوية.
قوله رحمه الله: «وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا: إِنَّهُ إِلَهٌ مُكَافِئٌ لَهُ»؛ لأنه حتى المجوس ما يثبتون خالقين متساويين؛ بل يثبتون أحدهما أكمل من الآخر، خالق الخير عندهم أكمل من خالق الشر، خالق النور أكمل من خالق الظلمة، فـ «مكافئ» أي: مساو.