قوله
رحمه الله: «وَهُو
شِرْكُ عُبَّادِ الأَصْنَامِ وَعُبَّادِ المَلاَئِكَةِ وَعُبَّادِ الجِنِّ
وَعُبَّادِ المَشَايِخِ الصَّالِحِينَ الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ» الشرك في
الألوهية متعدد الأنواع، والمشركون متفرقون في عباداتهم؛ لأنهم لما ضيعوا التوحيد
وقعوا في متاهات، كل يخترع له معبودًا يعبده ولا يرضى بمعبود الآخر؛ فمنهم من يعبد
الملائكة، ومنهم من يعبد الرسل والأنبياء، ومنهم من يعبد الأولياء والصالحين،
ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار والأصنام، حتى إن منهم من يعبد البقر كما في
الهند، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد الشيطان، ومنهم من يعبد
الفروج... إلى غير ذلك، والعياذ بالله!
كما قال الله عز وجل: { وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخۡطَفُهُ ٱلطَّيۡرُ أَوۡ تَهۡوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٖ سَحِيقٖ} [الحج: 31] أي: بعيد، {فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ}؛ لأن التوحيد: ارتفاع وعلو، والشرك: هبوط ونزول؛ ولهذا قال يوسف عليه السلام لأصحاب السجن: {يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ٣٩ مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ أَسۡمَآءٗ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٤٠} [يوسف: 39، 40] فهم ليس عندهم براهينُ وأدلةٌ على الشرك إلا شبهات؛ فالبراهين والأدلة إنما هي على التوحيد؛ ولذلك تحداهم الله وقال: {قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} [البقرة: 111]، فليس عندهم برهان إلا شبهات وحكايات وما أشبه ذلك، فالمشركون متفرقون في عباداتهم، بخلاف الموحدين؛ فإنهم يعبدون رَبًّا واحدًا وإلهًا واحدًا، لا يختلفون فيه.