وَالكُتُبُ الإِلَهِيَّةُ كُلُّهَا مِنْ
أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا تُبْطِلُ هَذَا المَذْهَبَ وَتَرُدُّهُ وَتُقَبِّحُ
أَهْلَهُ، وَتَنُصُّ عَلَى أَنَّهُمْ أَعْدَاءُ اللهِ - تَعَالى - وَجَمِيعُ
الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِهِمْ
إِلَى آخِرِهْمْ وَمَا أَهْلَكَ اللهُ - تَعَالَى - مَنْ أَهْلَكَ مِنَ الأُمَمِ
إِلاَّ بِسَبَبِ هَذَا الشِّرْكِ وَمِنْ أَجْلِهِ.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَالكُتُبُ الإِلَهِيَّةُ كُلُّهَا مِنْ
أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا تُبْطِلُ هَذَا المَذْهَب وَتَرُدُّهُ» الكتب
الإلهية المنزلة من عند الله؛ كالتوراة، والأنجيل، وكل ما نزل على الرسل فإنه يبطل
الشرك بالألوهية، ويأمر بعبادة الله وحده، كما ذكر الله ذلك عن الرسل: أن كل رسول
يقول لقومه: {يَٰقَوۡمِ
ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ} [المؤمنون: 23] فهم هذه مهماتهم، كلهم جاؤوا بالأمر
بعبادة الله، وترك عبادة ما سواه.
قوله
رحمه الله:
«وَجَمِيعُ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللهِ
عَلَيْهِمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهْمْ»
فكلهم متفقون على الأمر بتوحيد الألوهية، والنهي عن الشرك فيه: {وَٱعۡبُدُواْ
ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ} [النساء: 36]، {وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ
رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ} [النحل: 36]، {وَمَآ
أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ
إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ}
[الأنبياء: 25] هذا ما دعت إليه الرسل كلهم.
قوله رحمه الله: «وَمَا أَهْلَكَ اللهُ - تَعَالَى - مَنْ أَهْلَكَ مِنَ الأُمَمِ إِلاَّ بِسَبَبِ هَذَا الشِّرْكِ وَمِنْ أَجْلِهِ» لما أبوا أن يستجيبوا للرسل، وأصروا على الشرك أهلكهم الله عن آخرهم، كما حصل لقوم نوح، وقوم عاد، وثمود، وغيرهم من الأمم التي أبت أن تفرد الله بالعبادة،