×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

 وَلَكِنْ لَمَّا غَيَّرَتِ الشَّيَاطِينُ فِطَرَ أَكْثَرِ الخَلْقِ وَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا باللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا - كَمَا رَوى ذَلِكَ عَنِ اللهِ أَعْرَفُ الخَلْقِ بِهِ وَبِخَلْقِهِ - عَمُوا عَنْ قُبْحِ الشِّرْكِ حَتَّى ظَنُّوهُ حَسَنًا.

****

الشرح

قوله رحمه الله: «وَلَكِنْ لَمَّا غَيَّرَتِ الشَّيَاطِينُ فِطَرَ أَكْثَرِ الخَلْقِ وَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ». ورد في الحديث القدسي: «وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ» يعني: مفطورين على التوحيد «وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ» ([1])، وليس هذا خاصًّا بشياطين الجن؛ بل وبشياطين الإنس ودعاة الضلال؛ الذين يُغَيِّرُون فطر الناس.

قوله رحمه الله: «وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا باللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا» يعني: دليلاً وحجة، فالشرك ليس عليه دليل أبدًا، وإنما الدليل على التوحيد: {أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} [النمل: 64]؛ فليس على الشرك دليل أبدًا، وإنما هو شبهات، وحكايات، أو أحاديث مكذوبة يتعلقون بها، أو رؤى ومنامات يأتيهم بها الشيطان، فليس على الشرك دليل، ولا برهان: {وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} [المؤمنون: 117]؛ فلا برهان على الشرك أبدًا، وإنما هي شبهات وأباطيل، لا تقوم أمام الحق أبدًا.

قوله رحمه الله: «رَوى ذَلِكَ عَنِ اللهِ أَعْرَفُ الخَلْقِ بِهِ وَبِخَلْقِهِ» يعني: في الحديث: «وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ»؛ فهذا حديث قدسي من كلام الله، يرويه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ ٣ إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ ٤} [النجم: 3، 4].


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (2865).