وَبِالجُمْلَةِ؛ فَالتَّشْبِيهُ وَالتَّشَبُّهُ
هُوَ حقِيقَةُ الشِّرْكِ وَكَذَلِكَ كَانَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ إِذَا تَقَرَّبَ
إِلَى غَيْرِهِ بِعِبَادَةٍ مَا يُقَرِّبُهُ ذَلِكَ الغَيْرُ إِلَيْهِ - تَعَالَى
- فَإِنَّهُ يُخْطِئُ؛ لِكَوْنِهِ شَبَّهَهُ بِهِ، وَأَخَذ مَا لاَ يَنْبَغِي أَنْ
يَكُونَ إِلاَّ لَهُ؛ فَأَشْرَكَ مَعَهُ - سُبْحَانَهُ - فِيهِ غَيْرَهُ،
فَبَخَسَهُ - سُبْحَانَهُ - حَقَّهُ؛ فهَذَا قَبِيحٌ عَقْلاً وَشَرْعًا،
وَلِذَلِكَ لَمْ يُشْرَعْ وَلَمْ يُغْفَرْ؛ فَاعْلَمْهُ.
****
الشرح
لما
بين المؤلف رحمه الله فيما سبق أن الشرك ينقسم إلى قسمين:
القسم
الأول:
تشبيه الخالق بالمخلوق، والعدل به سبحانه وتعالى؛ أن يعدل به أحد من خلقه: {ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ}
[الأنعام: 1].
القسم
الثاني:
التشبه بالخالق؛ بأن يحمل الإنسان صفة الكبر والعظمة في نفسه، والافتخار وغير ذلك؛
فهذا تشبه بالخالق في صفاته -سبحانه- وعظمته وكبريائه؛ فإن المخلوق ضعيف يجب عليه
أن يعترف بضعفه، وأن يتواضع لله عز وجل.
ثم
قال رحمه الله: «وبالجملة» يعني: جملة ما
سبق في هذه العبادة الآتية.
«فَالتَّشْبِيهُ وَالتَّشَبُّهُ
هُوَ حقِيقَةُ الشِّرْكِ» يعني: تعريف الشرك؛ فإذا عرفته تقول: الشرك هو تشبيه الخالق
بالمخلوق، أو تشبيه المخلوق بالخالق؛ بأن تجعل له شيئًا من العبادة، أو التشبه
بالخالق؛ بأن تشارك الله في عظمته وكبريائه وجلاله.
والشرك أيضًا يعبر عنه بأنه: صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله سبحانه وتعالى؛ كالذبح، والنذر، والخوف، والرجاء، والسجود، والتعظيم، وغير ذلك.