وَلاَ قَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ نَفَى
عُمُومَ قُدْرَتِهِ وَتَعَلُّقَهَا بِأَفْعَالِ عِبَادِهِ مِنْ طَاعَتِهمْ
وَمَعاصِيهِمْ وَأَخْرَجَهَا عَنْ خَلْقِهِ وَقُدْرَتِهِ.
وَلاَ
قَدَرَه اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ أَضْدَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّهُ
يُعَاقِبُ عَبْدَهُ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْهُ، بَلْ يُعَاقِبُهُ عَلَى فِعْلِهِ
هُوَ -سُبْحَانَهُ.
وَإِذَا
اسْتَحَالَ فِي العُقُولِ أَنْ يُجْبِرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ عَلَى فِعْلٍ ثُمَّ
يُعَاقِبُهُ عَلَيْه؛ فَكَيْفَ يَصْدُرُ هَذَا مِنْ أَعْدَلِ العَادِلِينَ ؟!
وَقَوْلُ
هَؤُلاَءِ شَرٌّ مِنْ أَشْبَاهِ المَجُوسِ القَدَرِيَّةِ الأَذَلِّينَ.
وَلاَ
قَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ نَفَى رَحْمَتَهُ وَرِضَاهُ وَمَحَبَّتَهُ
وَغَضَبَهُ وَحِكْمَتَهُ مُطْلَقًا وَحَقِيقَةَ فِعْلِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ
فِعْلاً اخْتِيَارِيًّا، بَلْ أَفْعَالُهُ مَفْعُولاتٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْهُ.
****
الشرح
قوله رحمه الله: «وَلاَ قَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ نَفَى عُمُومَ قُدْرَتِهِ وَتَعَلُّقَهَا بِأَفْعَالِ عِبَادِهِ مِنْ طَاعَتِهمْ وَمَعاصِيهِمْ» هذا في القدرية، الذين غلوا في إثبات قدرة العبد، وجعلوه يخلق فعل نفسه، وأن الله لم يرد ولم يقدر فعله، وإنما هو الذي أراده باستقلال، وفعله باستقلال، مع أن الله عز وجل يقول: {ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖۖ} [الزمر: 62] هم يقولون: العبد يخلق فعل نفسه، فجعلوا خالقين مع الله عز وجل وما قدروا الله حق قدره! هذا في القدرية من المعتزلة وغيرهم الذين يقولون: إن الله لم يخلق أفعال العباد ولا أرادها؛ هم الذين أرادوها، وهم الذين أوجدوها استقلالاً، فجعلوا الله عاجزًا، وجعلوا له شركاء في الخلق! تعالى الله عن ذلك، وهذا قول المعتزلة ومن مشى في ركابهم من نفاة القدر.