ويقول:
وَإِذا تقاضيت الفُؤَادَ تَناسِيًا
**** ألفيْتَ أحشائِي بذاك شَحاحا
ويقول:
إِذَا مَرِضْنا تداوَيْنا
بذِكْرِكُمْ **** فنَتْرُك الذِّكْرَ أحيانًا فنَنْتَكِس
ومِن المُحالِ أن يَذْكُر القلبُ مَن هو مُحارِبٌ
لصِفاتِه، نافرٌ مِن سماعِها، مُعْرِضٌ بِكُلِّيَّتِهِ عنها، زاعمٌ أنَّ السلامة
في ذلك، كلاَّ واللهِ إنْ هُوَ إلا الجهالةُ والخِذْلانُ والإعراضُ عن العزيزِ
الرَّحِيم، فليسَ القلبُ الصحيحُ قَطُّ إلى شيءٍ أشْوَقَ منه إلى معرفةِ رَبِّهِ
تعالى وصفاته وأفعاله وأسمائِه، ولا أفْرَح بشيء قطُّ كفرحِهِ بذلك، وكفَى بالعبد
عَمًى وخِذْلانًا أنْ يُضْرَبَ على قلبهِ سُرادِقُ الإعراض عنها، والنُّفْرَة والتَّنْفِير
والاشتغال بما لو كان حقًّا لم ينفع إلا بعد معرفة اللهِ والإِيمَان به وبصفاته
وأسمائِه.
والقلب الثاني: قلبٌ مَضرُوب بِسِياطِ الجهالةِ، فهو عنْ معرفةِ رَبِّهِ وصُحْبَتِه مَصدودٌ، وطريقُ معرفةِ أسمائِه وصفاتِه - كما أُنْزِلَتْ عليه - مَسدودٌ، قد قُمِشَ شُبَهًا مِن الكلامِ الباطل، وارتوَى من ماء آجِنٍ غيرِ طائلٍ، تعُجُّ منه آياتُ الصِّفات وأحاديثُها إلى الله عجيجًا، وتَضِجُّ منه إلى منزلِها ضجيجًا، ممَّا يَسُومُها تحريفًا وتعطيلاً، ويُؤَوِّلُ معانيها تغييرًا وتبديلاً، قد أعدَّ لدفعِها أنواعًا مِنَ العُدد، وهيَّأ لِردِّها ضُروبًا من القوانينِ، وإذا دُعِيَ إلى تحكيمِها أبَى، واستكبرَ، وقال: تلك أدلَّةٌ لفظِيَّةٌ لا تُفيد شيئًا مِن اليقين، قد أعَدَّ التأويل جنَّة يتتَرَّسُ بها من مواقعِ سِهام السُّنَّةِ والقُرآنِ، وجعلَ إثباتَ صفاتِ ذي الجلال تجسيمًا وتشبيهًا يَصُدُّ به القلوبَ عن طريقِ العِلْمِ والإِيمَان. مُزْجَى البضاعةِ من العِلم النَّافِع