مِنهم، كُلُّ واحد له رغبةٌ، هذا يريدُ خلافَ ما
يريدُه الآخرُ، وإذا أرْضَى هذا سخِطَ الآخرُ، فهو في قلقٍ مِنهم، هذا مَثَلٌ
للمشرك الذي يعبدُ عِدَّةَ آلهة، ويتقرَّبُ إلى عدَّةِ آلهة، فإنَّه لا يمكنُ أن
يُرضِيَهم، وأن يُحقِّقَ رغباتِهم، ﴿وَرَجُلٗا سَلَمٗا لِّرَجُلٍ﴾
هذا المُوحِّد ﴿هَلۡ
يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ﴾
[الزمر: 29].
قال تعالى: ﴿ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم
مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ﴾
[الروم: 28] لمّا كانوا يقولون في التَّلْبِيَة: «لبَّيْكَ لا شريكَ لك إلا شريكٌ
هو لكَ تَمْلِكُه وما مَلَك، يقولون: هذه الأصنامُ وهذه الأوثان مملوكةٌ لله،
وإنّما اتخذناها؛ لتُقَرِّبَنا إلى الله زُلْفَى» وسائط، فالله جل وعلا يقول: أنتم
هل يرضى أحدٌ منكم أن يكون عبدُه شريكًا له في ماله، لا يرضى واحدٌ من النَّاس أن
يكون عبدُه شريكًا له في مالِه، فكيفَ تجعلون لله شُركاءَ مِن عبيده. «هذا مثلٌ
ضرَبه اللهُ يردُّ به على الذين يدعونَ مع الله آلهةً أخرى».
ويقولون: إنّ هذه الآلهة عبيدٌ لله وملكٌ لله لكنَّنا
اتخذناها وسائط بيننا وبين الله، فإذا كانوا لا يَرْضَوْنَ لأنفسهم أن يُشارِكَهُم
عبيدُهم ومماليكُهُم، فكيف ينْسِبُونَ هذا لله سبحانه وتعالى.
والمصنِّفُ رحمه الله ذكَرَ في أول «إعلام الموقعين» جملةً من هذه الأمثلة القرآنية، وفسَّرها، وبعضُ النَّاس أفردَها من الكتابِ وطبعها رسالة مستقلة.