ثمَّ استحالَ وصارَ مَقْدُورًا له **** من غيرِ أمرٍ
قامَ بالدّيَّانِ
بل حالُه سُبْحَانَهُ في ذاتِه **** قبلَ الحدوثِ
وبعدها سِيَّانِ
وقضى بأنَّ النَّار لم تُخلق ولا **** جناتُ عدنٍ بل
هُما عَدَمانِ
فإذا هما خُلِقا ليومِ معادِنا **** فهما على
الأوقاتِ فانيتانِ
****
إذا كان ممتنعًا
عليه فكيف صار ممكنًا، فيلْزَمُ عليه أن يستمرّ الامتناع.
إذا كان ممتنعًا عليه في الماضي فإنه يمتنعُ عليه في
المستقبل أيضًا، ما الذي يجعلهُ ممكنًا بعد أن كان ممتنعًا؟
هذا من مقالات الجَهْم الباطلة، يقول:
إن النَّار والجنَّة غير موجودتين الآن، وإنما توجدان فيما بعد، وهذا قولٌ باطل،
فالجنَّة موجودة، والنَّار موجودة، وفيهما ما خلق الله من النعيم والعذاب، والله
تعالى يقول في النَّار: ﴿أُعِدَّتۡ
لِلۡكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 24]، ويقول في
الجنَّة ﴿أُعِدَّتۡ
لِلۡمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133]، ومعنى﴿أُعِدَّتۡ﴾ أنها موجودة؛ لأن «أُعدت» عبارة عن فعلٍ ماضٍ، والأدلة
على وجود النَّار والجنَّة وأنَّهما مخلوقتان الآن أدلّةٌ كثيرة من الكتاب
والسُّنَّة.
كذلك يقول: إنَّ الجنَّة والنَّار تَفْنَيانِ في المستقبل، وهذا عنده منعٌ للتسلسل في المستقبل فهما ممنوعتا الوجود في الماضي ولا يستمر وجودهما في المستقبل، بل تفنيان، وهذا قولٌ باطلٌ، فالجنَّة والنَّار موجودتان، ولا تفنيان ولا تبيدان، أبد الآباد.