والجبرُ مَذْهَبه الذي قرَّت به **** عينُ العصاةِ
وشيعةِ الشيطانِ
كانوا على وَجَلٍ من العصيانِ ذا **** هو فعلُهُم
والذنبُ للإِنسَانِ
****
وكذلك من أقوال
الجَهْم الشنيعة أنه يرى أن العباد مجبورون على أفعالهم، وأن هذه الأفعال التي
تصدر عنهم أفعالٌ خلقها الله فيهم، وهم مجبورون عليها، ليس لهم فيها اختيار، فهم
كالآلة التي تُحرَّك بيد الإِنسَان، هذا مذهبُه، وهو: أنه يرى أن العباد ليس لهم
اختيار ولا إرادة، وأن أفعالهم التي تصدرُ عنهم أفعالٌ اضطراريَّةٌ، والله هو الذي
خلقها فِيهم، فهم محلٌّ لخلق هذه الأفعال، وليس لهم إرادة فيها ولا قصد ولا
اختيار، فانظر كيف نفى الأفعال عن الله، ونفى الأفعال عن الخلق.
العصاة فرحوا بهذا القول، فقالوا: إنَّنا لم نفعل هذه
الأفعال من الكُفر والمعاصي ومن الزِّنا والسَّرِقة، ما فعلناها بل هي مفعولةٌ بنا
فنحنُ مُحَرَّكون، ففرحوا بهذه المقالة، يظنونها عذرًا لهم، وهي في الحقيقة قول
باطل.
كانوا قبل أن يسمعوا هذه المقالة خائفين من ذنوبهم ومعاصيهم معترفين بفطرتهم أنها صدرت منهم، ولكن لمَّا سمعوا هذه المقالة فرحوا بها، واتخذوها عُذرًا لهم، وقالوا: نحن ما فعلناها، وإنما هي أفعال الله فينا.