وكذاكَ أتْباعٌ على منهاجِهِمْ **** مِنْ قبْلِ
جَهْمٍ صاحِبِ الحِدْثَانِ
لكنّهما متأخِّروهم بعدَ ذ **** لك وافقوا
جَهْمًا على الكفرانِ
فهُمُ بذا جَهْمِيّةٌ أهلُ اعتزا **** لٍ ثَوْبُهُمْ
أضحى لَهُ عَلَمانِ
****
وحصَلَ ارتباكٌ
عندَ النَّاسِ في ذلك، فجاء هذا السائلُ يسأَلُ الحَسَنَ عنْ مُرتكبِ الكبيرةِ؟
فأجابَ الحسنُ البصريُّ رحمه الله بأنَّه مُؤْمنٌ ناقصُ الإيمانِ. فقال واصلُ بنُ
عطاء: أنا لا أقولُ: ليْسَ بِمُؤمنٍ كاملِ الإيمانِ كما تقولُه المرجِئةُ، وهو
ليسَ بكافرٍ كما تقولُه الخوارِجُ، ولكنَّه في المنزِلةِ بين المنزِلتيْنِ: ليس
بمُؤمنٍ ولا كافرٍ. وعند ذلك اعتزَلَ واصلُ بنُ عطاء حلقةَ الحسنِ واجْتمَعَ عليهِ
أصحابُه، وصارَ يُقرِّرُ مذْهَبَ المعتزِلةِ، فمِن ذلك الوقْتِ سُمُّوا
بالمعتزلةِ؛ لأنَّهم اعتزلوا مجْلِسَ الحسنِ البصريِّ رحمه الله.
متأخِّرو المُعتزلةِ اعتَنَقُوا مذْهَبَ الجهميَّةِ في
أنَّ القرآنَ مخْلوقٌ.
العَلَمُ في الثَّوبِ هو الطُّرازُ، فالمُعتزِلةُ لهم عَلَمَانِ: عَلَمُ اعتزالٍ، وعَلَمُ تجهُّمٍ حيثُ جَمَعُوا بينَ المَذْهَبيْنِ.