فصلٌ: في إلزامِهم القَوْلَ بِنَفْي الرِّسالةِ
إذا انتَفَتْ صِفَةُ الكلامِ
****
واللهُ عز وجل موصٍ آمِرٌ **** ناهٍ مُنبٍّ
مرسلٌ لِبيانِ
ومخاطِبٌ ومحاسِبٌ ومنبِّئٌ **** ومحدِّثٌ
ومُخْبرٌ بالشانِ
****
إذا انتَفَتْ
صِفَةُ الكلامِ عنِ اللهِ تَعالى لَزِمَ تَشْبيهُ اللهِ تَعالى بالجَماداتِ
النَّاقصَةِ الَّتي لا تَتَكلَّمُ، وإذا انتَفَتْ صِفةُ الكلامِ عنِ اللهِ
انتَفَتْ الرِّسالاتُ؛ لأنَّه بماذا يُرسَل الرُّسلُ، إذا لم يكُنْ للهِ كلامٌ
يأتونَ به ويُبَلِّغُونَه للنَّاسِ، فبِمَاذا يُرسَلُ الرُّسلُ إذًا؟! فالرَّسولُ
إنَّما مَهمَّتُه تَبْليغُ كلامِ المُرسِلِ، فإذا لم يكُنْ للمُرسِلِ كلامٌ فماذا
يُبلَّغُ الرَّسولُ؟!
يُرسِلُ الرُّسلَ بهذهِ الأشياءِ، يأمُرُ وينْهَى،
ويُحلِّلُ ويُحرِّمُ، ويُوصي بالطَّاعة، ويَنْهى عنِ المعصيةِ، ويُرسِلُ الأنبياءَ
والرُّسلَ لبيانِ شَرَائِعِه، هذا مَوضوعُ كلامِ اللهِ عز وجل، فإذا لم يكنْ له
كلامٌ فكيفَ يأمُرُ، وكيفَ ينْهى، وكيفَ يُحلِّلُ، وكيف يُحرِّمُ، وكيفَ يُرسلُ
الرَّسولَ؟!
أي: إذا انتَفَتْ صِفةُ الكلامِ عنِ اللهِ كيفَ يُحاسِبُ الخَلْقَ، وكيفَ يُكلِّمُ عِبادَه؟ إذا لم يكنْ مُتكلِّمًا تعذَّرَتْ هذه الأشياءُ.
الصفحة 1 / 445