ومكلِّمٌ مُتكلِّم بلْ قائلٌ **** ومحذِّرٌ ومبشِّرٌ
بأمانِ
هادٍ يقولُ الحقَّ يُرشِدُ خَلْقَه **** بكلامِه للحقِّ
والإيمانِ
فإذا انتَفَتْ صفةُ الكلامِ فكلُّ هـ **** ـذا مُنتَفٍ
مُتَحقِّقُ البُطلانِ
واذا انتَفَتْ صفةُ الكلامِ كذلك الـ **** إِرْسالُ منفيُّ
بلا فُرقانِ
فرسالةُ المبعوثِ تَبليغٌ كلا **** مَ المرسِلِ
الدَّاعي بلا نُقصانِ
****
قال اللهُ
تعالى: ﴿وَٱللَّهُ
يَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ يَهۡدِي ٱلسَّبِيلَ﴾
[الأحزاب: 4] أخبَرَ أنَّه يقولُ سبحانه وتعالى، وأنَّ قولَه هو الحقُّ، وأنّه
يهدي السَّبيلَ، كيف يهدي إذا لم يكن يتكَلَّمُ؟!
كلُّ هذهِ المَعاني تَنتَفِي إذا انتَفَى كلامُ اللهِ عز
وجل، فلا أمْرَ ولا نهْيَ ولا تحليلَ ولا تحريمَ ولا إرْسالَ ولا تبْشيرَ ولا
إنْذارَ، فإذا انتَفت صفةُ الكلامِ انتَفَتِ الرِّسالاتُ، وإذا انتفَتِ
الرِّسالاتُ بَطُلَتِ الشَّرائعُ.
فلا يُقالُ رسولٌ إلا إذا كانَ مُرْسَلاً، والإرْسالُ لا
يكونُ إلا بكلامٍ منَ المُرْسِلِ، يُرْسِلُه به ليُبلِّغَه إلى المُرسَلِ إليهم،
فعندَنا مُرسِلٌ ورسولٌ ومرسَلٌ إليهم فلا بُدَّ لتَحقُّقِ هذه المعاني من كلامِ
المُرْسِلِ.
لأنَّ الرَّسولَ من يَحْمِلُ رِسالةً، والرِّسالةُ هيَ كلامُ المُرسِلِ.