مِنْ أَلْفِ وَجْهٍ أو قَريبِ الأَلْفِ يُحْـ **** ـصيـها الَّذي يُعْنَى
بهذا الشَّانِ
فيكون كلُّ كلامِ هذا الخَلقِ عيْـ **** ـنَ كلامِه
سُبحانَ ذي السُّلطانِ
إذ كان منسوبًا إليه كلامُه **** خَلْقًا كبَيْتِ
اللهِ ذي الأرْكانِ
هذا ولازِمُ قَوْلِكم قد قالَه **** ذو الاتِّحادِ
مُصَرِّحًا بِبيانِ
****
يقول:
يلزَمُ على قولِكم إنَّ كلامَ الخَلقِ يُنسَبُ إلى اللهِ، يُنسَبُ إليه لأنَّه
خالِقُه، كما يُنسَبُ بيْتُ اللهِ والكَعْبَةُ إلى اللهِ لأنَّه ربُّها، نِسْبَةَ
تَشْريفٍ، فنِسْبَةُ الكلامِ إليه على قولِكم نِسْبَةُ تشريفٍ لأنَّه خالِقُه،
فيَلزَمُ أنَّ كلَّ ما في المَخلوقاتِ منْ كلامٍ أنَّه كلامُ اللهِ حقُّه
وباطِلُه.
الاتِّحاديَّةُ همُ الَّذينَ يقولونَ: إنَّ وجودَ الخَلقِ هو عَيْنُ وجودِ الخالقِ ليس هناكَ انقِسامٌ، ولذا يُسَمَّوْنَ أهْلَ وَحْدَةِ الوجودِ، فالجهميَّةُ اجْتَمعوا معَ أهْلِ وحدَةِ الوجودِ في أنَّ كلامَ الموجوداتِ هو كلامُ اللهِ؛ لأنَّ الموجوداتِ هي اللهُ لا فَرْقَ بينَها وبينَ اللهِ، حتَّى إنَّ بعضَهم يقولُ للكلْبِ: هذا ربِّي، ويقولون: ما ضلَّ فرْعوْنَ إلا لأنَّه حَصَرَ الرُّبوبيَّةَ فيه وإلا لو عمَّمَها في الخَلْقِ ما صَارَ ضالًّا، لكنَّه قال: ﴿أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ﴾ [النازعات: 24] مع أنَّه ليسَ هو كلَّ الخَلقِ، فهو ضَلَّ لأنَّه حصَرَ الرُّبوبيَّةَ فيه، وأنكَرَ مُوسى عليه هذا التَّخْصِيصَ.