هذا الذي أدَّى إليه أصْلُهم **** وعليهِ قامَ
مُكَسَّحُ البُنيانِ
إذْ أصلُهُم أنَّ الإلهَ حقيقةً **** عَيْنُ الوجودِ
وعيْنُ ذي الأكْوانِ
فكلامُها وصفاتُها هو قولُه **** وصفاتُه ما ها
هنا قوْلانِ
وكذاك قالوا إنَّه الموصوفُ بالضِّـ **** ضـدّيْنِ من
قُبْحٍ ومنْ إحْسانِ
وكذاكَ قدْ وَصَفُوه أيضًا بالكما **** لِ وضِدِّهِ منْ
سائرِ النُّقصانِ
****
هذا الَّذي أدَّى إليه أصْلُ وحدةِ الوجودِ حيثُ قالوا:
إنَّ الكَوْنَ كلَّه هو اللهُ، ليس فيه انقسامٌ بينَ خالقٍ ومخلوقٍ، فكلُّ ما في
الكَوْنِ من كلامٍ فهو كلامُ الله.
إذا كان الوجودُ كلُّه هو اللهَ عندَهم فكلُّ كلامِ
الكائِناتِ هو كلامُ اللهِ؛ لأنَّها هي اللهُ عندَهم.
ويترتَّبُ على هذا المذْهَبِ الخَبيثِ أيْضًا: أنَّ كلَّ
الكائناتِ هيَ اللهُ حَسَنِها وقَبيحِها، الكلبِ والخنزيرِ كلّها عندَهم هيَ
اللهُ، تَعَالى اللهُ عمَّا يقولون.
وبناءً على مذْهَبِهم وصَفُوه بالضِّدَّيْنِ، بالكمالاتِ وبالنقائصِ؛ لأنَّ هذا كلَّه متفرِّعٌ عنِ القولِ بوحدةِ الوجودِ، فإذا كانَ الوجودُ فيه كمالاتٌ وفيه نقائصُ، وفيه مدْحٌ وفيه ذمٌّ، وفيه خيرٌ وفيه شرٌّ، وفيه حُسْنٌ وفيه قُبحٌ، فيلزَمُ أنْ يُوصَفَ اللهُ بالمُتضادَّاتِ، تَعالى اللهُ عمَّا يقولونَ.