هذي مقالاتُ الطَّوائفِ كلِّها **** حُمِلَتْ إليْكَ
رَخيصَةَ الأثْمانِ
وأظنُّ لو فتَّشْتَ كتُبَ النَّاسِ ما **** ألْفَيْتَها
أَبدًا بذا التِّبيانِ
زُفَّتْ إليكَ فإن يكُنْ لكَ ناظِرٌ **** أبْصرْتَ ذاتَ الحُسْنِ
والإحسانِ
****
لما انتَهَى منْ سياقِ أقْوالِ الفِرَقِ في كلامِ اللهِ،
وجَمَعَها لك قال: إنّ هذا الجَمْعَ وهذا الحَصْرَ وهذا التَّقسيمَ الذي ذَكَرَه
نادرٌ أنْ تَجِدَه في كتابٍ من الكُتُبِ إلا مُتفرِّقًا، فافْهَمْه واعتَنِ به
حتَّى يكونَ عندَك إلمامٌ بمقالاتِ الطوائفِ في كلامِ اللهِ سبحانه وتَعالى.
يقول: لو أنَّك فتَّشْتَ الكتُبَ
تطْلُبُ هذه المقالاتِ ما وَجَدتَّها بمَجموعةٍ، لكن تَجِدُها مُتَفرِّقةً
يَصْعُبُ عليكَ حصْرُها.
لا بدَّ أن تَعرِفَ الحقَّ وتعرِفَ الضَّلالَ، ومقالاتِ الضَّالِّينَ منْ أجْلِ أن تَحْذَرَ منْها وتُحذِّرَ منها، فليسَتْ معرفةُ هذه الأقْوال محبَّةً لها، وإنَّما ذلكَ منْ أجْلِ الحَذَرِ منها، ولئِلاَّ يغتَرَّ الإنسانُ بها؛ لأنَّها مُزوَّرَةٌ ومزَوَّقةٌ؛ لأنَّ كلَّ قوْلٍ خالَفَ الكتابَ والسُّنة فهو باطل دون نظرٍ إلى من قاله، فالحق يُعرف بالدليل دون أن يُعرف بالرجال.