فصلٌ: في اعتِرَاضِهم على القوْلِ بدوامِ
فاعليَّةِ
الرَّبِّ تعَالى وكلامِه والانفصالِ عنه
****
فلئِنْ زَعَمْتُم أنَّ ذاكَ تَسَلْسلٌ **** قُلْنا:
صَدَقْتُم وهو ذو إمْكانِ
****
اعتَرَضَتِ
الجهْميَّةُ ومنْ قالَ بقوْلِهم منَ الفِرَقِ على أهْلِ السُّنَّةِ القائلينَ
بقِدَمِ أفْعالِ اللهِ جل وعلا، بقولِهم: أنتُم شابَهْتُم الفلاسِفَةَ القائلينَ
بقِدَمِ العالَمِ.
لئِنْ زَعَمْتُم أيُّها المُعارِضُونَ للقوْلِ بقدَمِ
أفعالِ اللهِ بأنَّ هذا تَسلسُلٌ يُشْبِهُ قوْلَ الفلاسفَةِ بقدَمِ العالَمِ
مُشَارِكٌ للرَّبِّ ومُقارِنٌ له، فإنَّنا نقولُ: هو تَسَلْسُلٌ مَسْبوقٌ بوجُودِ
الرَّبِّ سبحانه وتعالى، أمَّا الفلاسفَةُ فإنَّهم يقولونَ: هو تسَلسُلٌ مُشارِكٌ
للرَّبِّ، مُقارنٌ للرَّبِّ، وهذا باطلٌ، أمَّا أهْلُ السُّنَّةِ فيقولونَ: هو
تسلسُلٌ ولكنَّه مسبوقٌ بوجودِ الربِّ سبحانه وتَعالى، ففرْقٌ بينَ هذا وهذا؛
لأنَّ هذا تسلسُلٌ في الآثَارِ وليسَ تَسلسُلاً في المُؤَثِّرينَ.
فأهْلُ السُّنَّةِ يقولونَ: لا مُقارنةَ بل اللهُ جل وعلا الأوَّلُ الَّذي ليسَ قبلَه شيءٌ، ومفعولاتُه مقارنَةٌ لأوليَّتِه ليسَتْ سابقَةً عليْهَا.
الصفحة 1 / 445