وعلم
الكلام الَّذي أسَّسوا عليه عقيدتهم، ضلوا، ولم يهتدوا إلى الحقِّ؛ لأنهم يسيرون
في طريقٍ مُظلم، وطريق ضلال، والَّذي يسيرُ في طريقٍ غير صحيح يقع في الهلاك،
فهؤلاء لمَّا أعرضوا عن الطريق الصحيح الَّذي هو الاستدلال بالوحي المنزل على
النبيِّ المُرسَل من القرآن، والسُّنَّة، وأخذوا أسلوبَ اليونان وأهل الجدل أفضى
بهم ذلك إلى الضلال والكُفْرِ والهلاك، وأرادوا بذلك إبطالَ القرآن، وإبطال
السُّنَّةِ؛ لأنَّهُما لا يُفيدانِ اليقينَ بِزَعمِهم، لما فعلوا ذلك وقعوا في
الضلالِ والحَيْرة، وهذه نتيجةُ الإعراض عن الكتاب والسُّنَّةِ والاستدلال بغيرِهما،
لا سِيَّما في أمور العقيدة، نتيجته أنه يُهْلِك نفسه، ولا يصل إلى حقٍّ، وأنّه
أيضًا إذا أُورِدَتْ عليه شبهاتٌ من أعداء الإسلام، من الملاحدة والكفار لا يستطيع
الرَّدَّ عليها؛ لأن سلاحه هذا دائر لا يقتل صيدًا ولا ينكأ عدُوًّا، فيتسلَّط
أعداء الإسلام على المسلمين من هذا الطريق، فإذا أرادوا الانتقام من المسلمين، ولم
يكن معهم سلاح يصدهم، ويردّهم فإنهم ينالون ما أرادوا من المسلمين.
أما لو أنَّ هؤلاء تمسَّكُوا بالكتاب والسُّنَّةِ، وتعلموا الكتاب والسُّنَّة، وتسلَّحوا بهما لم يقف في وجههم أحدٌ؛ لأنَّ الكتابَ والسُّنَّة وحيٌ من الله سبحانه وتعالى، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلا يمكن الدفاع عن الإسلام إلا بالكتاب والسُّنَّة، أمّا الدفاع عنه بقواعد أهل المنطق وعلم الكلام، فإنّ هذا يُفرح الأعداء؛ حيث إنّه سلاحٌ فاسد لا يصدُّ العدو، والدليلُ على ذلك: أنّ المسلمين ما زالوا في خيرٍ وفي استقامة