فصل
****
هَذَا وَعَاشِرُها اخْتِصَاصُ البَعْضِ مِن **** أَمْلاَكِهِ
بِالعِنْدِ لِلرَّحْمَنِ
وَكَذَا اخْتِصَاصُ كِتَابِ رَحْمَتِهِ بِعِنْـ **** ـدِ اللهِ فَوْقَ
العَرْشِ ذُو التِّبْيَانِ
****
العاشِر مِن أدلة العُلُوِّ أنَّ اللهَ وصَفَ
بعضَ الملائكةِ بأنَّهُم عنده. قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ
عِبَادَتِهِۦ وَيُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ يَسۡجُدُونَۤ۩﴾ [الأعراف: 206] يعني: الملائكة المُقرَّبين منه سبحانه
وتعالى، وكون الله اختَصَّ هؤلاء بأنّهم عنده، دليلٌ على علوِّه سبحانَه وتعالى،
وإلا لم يكن لهؤلاءِ مَزِيَّةٌ على غيرِهم من الملائكة لو كان المراد بقوله: «عِنْدَهُ»
أنّ الله خلقهم أو أنّهم في مُلكه لم يكن لهم مزيَّة، فالحيواناتُ والبشرُ والجنُّ
والإنسُ كلُّهُم مخلوقاتٌ للهِ تعالى، وكلُّهُم في مُلكِه، فإذا فُسِّرت «العندية»
بالخلقِ، فهذا باطل؛ لأنَّ هذا لا يختصُّ بالملائكةِ المُقربينَ؛ لأنّ كلَّ الخلق
خَلَقَهم الله سبحانه وتعالى، لا مَزِيّة لبعضهم على بعض.
جاء في الحديثِ«إِنَّ اللهَ كَتَبَ كِتَابًا قبلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي، فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ» ([1])، فقوله: «عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ»: دليل على أن الله سبحانه فوقَ العرش، وأنه خصَّ هذا الكتاب بكونه عنده هناك.
الصفحة 1 / 445