فَالحُبُّ عِنْدَكُمُ المَشِيئَةُ نَفْسُها **** وَكِلاَهُمَا فِي
حُكْمِهَا مِثْلاَنِ
لَكِنْ مُنَازِعُكُمْ يَقُولُ بِأَنَّهَا **** عِنْدِيَّةٌ
حَقًّا بِلاَ رَوَغَانِ
جَمَعَتْ لَهُ حُبَّ الإِلَهِ وَقُرْبَهُ **** مِنْ ذَاتِهِ
وَكَرَامَةَ الإِحْسَانِ
وَالحُبُّ وَصْفٌ وَهْوَ غَيْرُ مَشِيئَةٍ **** وَالعِنْدُ
قُرْبٌ ظَاهِرُ التِّبْيَانِ
****
فجبريل وإبليس
كلاهما مُكوَّنٌ، وكلاهما مخلوقٌ؛ فلا مَزِيّة لبعضهما على بعض على هذا التفسير،
ومنازعوكم - وهم أهل السنة - يقولون: هي عنديَّةٌ حَقِيقِيَّة بمعنى القرب منه
سبحانه.
الحبُّ والقربُ منه سبحانه يجتمعان في حقِّ الَّذين ﴿عِندَ رَبِّكَ﴾ [الأعراف: 206] القرب منه ومحبتُه لهم سبحانه وتعالى،
لولا أنّه يُحبهم ما قرَّبَهُم، أما عند الجهمية فالمحبة عندهم بمعنى المشيئة،
وعلى هذا كلُّ المخلوقات محبوبة له؛ لأنّه شاءَها وقدَّرها، فلا فرْقَ بيْنَ إبليس
وغيره؛ لأنَّ الكلَّ شاء الله إيجادَهم، وقدَّر خلقَهم، فعندهم لا فرق بين المشيئة
والمحبة، فمعنى محبة الله: مشيئةُ الله عندهم، وهذا يلزم منه أنّه يُحب جميع
المخلوقات؛ لأنه شاءَها - تعالى الله عن ذلك - ولا يختصُّ بعضهم بالمحبَّةِ دون
بعض.
***
الصفحة 3 / 445