×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

فَاسْمَعْ إِذًا أَقْوَالَهُمْ وَاشْهَدْ عَلَيْـ **** ـهِمْ بَعْدَهَا بِالْكُفْرِ وَالإِْيْمَانِ

****

 فالعلماء يختلفون فيها بحَسَب اجْتهادهم ومدارِكهم. وهذا خلافٌ غيرُ مذمومٍ إِلاَّ إِذَا ظَهَرَ الدَّليلُ فالواجبُ اتِّباعُه وتَرْكُ ما خَالَفَه مِن الاجتهادات، أَمَّا العقيدة فليستْ مجالاً للاختلاف؛ لأَنَّها ليستْ محلًّا للاجْتهاد، وإِنَّما هي اتِّباعٌ وتسليمٌ وانقيادٌ لما ثَبَتَ في الكتابِ والسُّنَّةِ، فهي توقيفيَّةٌ ليستْ محلًّا للاجتهاد، فمَنْ خَالَفَ فيها فلا عِبْرَةَ لمخالفته، فالذي يُعتبَر قولُهم وإِجْماعُهم أَهْلُ الحديث والقُرْآنِ، مثْلُ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبعةِ والأَوْزَاعِيِّ والثَّورِيِّ وابْنِ المُبَارَكِ وأَئِمَّةِ العلْم والحديثِ ومَنْ جَاءَ مِنْ بعدهم مِنَ الأَئِمَّةِ. فهُمْ مُجْمِعون مِنْ أَوَّلِهم إِلَى آخِرِهم على أَنَّ اللهَ فوق السَّماوات العُلى.

قوْلُه: «وَهُوَ مُبَايِنُ الأَْكْوَانِ» أَيْ: مُنْفَصِلٌ عن الأكوان، ليس في ذاته شيءٌ مِنْ مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيءٌ مِنْ ذاته سبحانه وتعالى، هذه هي المُبايَنة، وهذا ردٌّ على أَهْل الحُلُولِ، الذين يقولون: إِنَّ اللهَ في كلِّ مكانٍ، وعلى أَهْلِ الاتِّحاد الذين يقولون بوَحْدَةِ الوُجُودِ.

اسْمَعْ أَقْوالَ أَهْل العلْم؛ حتَّى تحكم على هذه الأَقْوال: هل هي حقٌّ أَوْ باطلٌ؟ لأَنَّه لا يحكم الإِنْسانُ على الشَّيءِ قبْلَ سَمَاعِه وقبْلَ تصوُّرِه، كما يقولون: الحُكْمُ على الشَّيءِ فرْعٌ عَنْ تصوُّرِه، فاسْمَعْ أَقْوالَهم واسْمَعْ حُججَهم وأَدِلَّتَهم وبعد ذلك احْكُمْ عليهم بالصَّواب أَوِ الخطَأِ.


الشرح