×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

 هذا من مذهبِه، وله مذهبُ الجَبْرِ في القَدَرِ، وله مذهبٌ في نَفْيِ الأَسْماءِ والصِّفاتِ، وله مذهبٌ أَيْضًا في التَّكْذيب بسُنَّةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، والتَّكْذيبُ بالقُرْآنِ أَيْضًا، فهو مُلْحِدٌ خبيثٌ ظهر بهذه الفِرْيَةِ، وهذا المذهبُ مُنْحَدِرٌ عن اليَهُودِ؛ كما ذكر شيخُ الإِسْلام ابنُ تَيْمِيَّةَ في مقدِّمة الحمويَّة، والجهمُ ليس هو الذي ابتدأَ هذا المذهبَ، قبله الجَعْدُ بنُ دِرْهَمٍ هو الذي ابتدأَ هذه المقالةَ الشَّنيعةَ وأَخذها عن طالوتِ اليَهُودِيِّ، وطالوتُ أَخذها عن لَبِيْدِ بنِ الأَعْصَمِ اليَهُودِيِّ الذي سَحرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فهذه المقالةُ مُنْحَدِرَةٌ من اليَهُودِ الذين يحرِّفون كلامَ الله عن مواضعِه، فلا يُسْتَغْرَبُ هذا المذهبُ الخبيثُ، إِذا عُرِفَ مصدرُه أَنَّه من اليَهُودِ، دَسُّوهُ على المسلمين بواسطة هذا الرَّجلِ الخبيثِ الجَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ الذي قتله خَالِدٌ القسريُّ يومَ عِيْدِ الأَضْحى، كما ذكر ابنُ القَيِّمِ:

ولأَجْلِ ذا ضحَّى بجَعْدَ خَالِدُ **** القسريُّ يومَ ذبائِحِ القُرْبَانِ

إِذْ قال إِبْرَاهِيْمُ ليس خليلَه **** كلاَّ ولا موسى الكليمُ الدَّاني

شكر الضَّحيَّةَ كلُّ صاحبِ سُنَّةٍ **** للهِ دَرُّكَ مِن أَخِي قُرْبَانِ

أَخذ هذه المقالةَ عنه الجَهْمُ بنُ صَفْوَانَ، فنُسِبَتْ إِليه؛ لأَنَّه هو الذي نَشَرَها وليس هو الذي ابْتَدَأَها.

وقد أَنْكَرَ عليهم أَهْلُ السُّنَّةِ إِنْكارًا شديدًا وغلَّظوا القولَ في ذلك، وهذا سيأْتي - إِن شاءَ الله - في المقطع الذي بعد هذا، ولكنْ مَعَنَا الآن جُزْئِيَّةٌ من هذا المذهبِ الخبيثِ، وهو نَفْيُ الكلام عن الله، ولكن حصل عند أَهْلِ السُّنَّةِ إِشْكالٌ وهو: هل يقال: إِنَّ لفظي بالقُرْآنِ مخلوقٌ أَوْ غيرُ مخلوقٍ؟ هذه دَسُّوها على المسلمين أَيْضًا، هل تقول: إِنَّ لفظي بالقرآن مخلوقٌ


الشرح