قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلمْ أَنَّه إِنَّما جاءَ هلاكُ الجهميَّة: أَنَّهم فكَّروا
في الرَّبِّ عز وجل، فأَدْخلوا: لِمَ؟ وكيف؟ وتركوا الأَثَرَ، ووضعوا القياسَ، وقاسوا
الدِّينَ على رَأْيِهم، فجاؤُوا بالكفر عيانًا لا يخفى، فكفروا وكفَّروا الخلقَ، واضْطرَّهم
الأَمْرُ إِلى أَنْ قالوا بالتَّعطيل.
**********
أَوْ تقول: لفظي بالقرآن غيرُ
مخلوقٍ، أو تتوقَّف إِنْ كان المرادُ به الملفوظُ به فهو كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ،
وإِنْ أُريد به التَّلفُّظَ بالقُرْآنِ، فالتَّلفُّظُ مخلوقٌ والصَّوتُ مخلوقٌ.
فلابدَّ من التَّفصيل، هذا هو التَّفْصيلُ الذي قال به الإِمامُ أَحْمَدُ،
والبُخَارِيُّ، وجَمْعٌ من المحقِّقين، فلا تقلْ: «لفظي بالقُرْآنِ مخلوقٌ» مطلقًا، ولا «غيرُ مخلوقٍ» مطلقًا، ولا تتوقَّف، بل تُفصِّل في ذلك.
قولُه: «واعلمْ أَنَّه إِنَّما جاءَ
هلاكُ الجهميَّة: أَنَّهم فكَّروا في الرَّبِّ عز وجل » السَّببُ الذي جعل
الجهميَّةَ ضلُّوا هذا الضَّلالُ البعيدُ أَنَّهم تدخَّلوا في شأْن الرَّبِّ،
صاروا يبحثون فيه، فلا يجوز للمسلم أَنْ يبحثَ في شأْن الرَّبِّ، بل عليه أَنْ
يؤمنَ به وبأَسْمائِه وأَوْصافِه ولا يتدخَّل في الكيفيَّة، اللهُ جل وعلا لا يعلم
ذاتَه وكيفيَّةَ أَسْمائِه وصفاتِه إِلاَّ هو سبحانه، قال تعالى: ﴿يَعۡلَمُ
مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا﴾ [طه: 110]، فلا
أَحدٌ يحيط بالله عز وجل هو أَعْلمُ بنفسِه وبغيرِه، فنحنُ لا نتكلَّم في شأْن
اللهِ إِلاَّ بما جاءَ بالدَّليل من القُرْآنِ والسُّنَّةِ، ونتوقَّف عمَّا لم
يَرِدْ، الجهميَّةُ أَنْكروا القُرْآنَ والسُّنَّةَ وتدخَّلوا بعقولِهم في شأْن
الله سبحانه وتعالى،
الصفحة 1 / 199