قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلمْ أَنَّه لا يزال النَّاسُ في عصابةٍ من أَهْلِ الحقِّ
والسُّنَّةِ، يهديهم اللهُ، ويهدي بهم غيرَهم، ويُحْيِي بهم السُّنَنَ، فهُمُ الذين
وصفَهم اللهُ تعالى مع قلَّتِهم عند الاختلاف فقال:﴿وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا
جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ﴾ فاستثناهم فقال:﴿فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ
ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٍ﴾ [البقرة:213]،
وقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ
عَلَى الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ،
وَهُمْ ظَاهِرُونَ» ([1]).
**********
قال رحمه الله: «واعلمْ» أَيْ: تعلَّمْ أَيُّها المسلمُ، ويا طالبَ العلمِ تنبَّه في أَنَّ الحقَّ يبقى، ويبقى عليه من وفَّقه اللهُ لاتِّباعه مَهْمَا كثرتْ الفِتَنُ، ومهما حاول الأَعْداءُ أَنْ يقضوا على الحقِّ وأَهْلِه فإِنَّهم لا يستطيعون ذلك؛ لأَنَّ اللهَ سبحانه يحميه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ [الحجر: 9]؛ وكما قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ﴾ [غافر: 51]، وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأتِيَ أَمْرُ اللهِ تبارك وتعالى » ([2])، فالحقُّ باقٍ وأَهْلُه باقون وإِنْ قلُّوا في بعض السِّنين أَوْ بعضِ الأَوْقات، فإِنَّ اللهَ لا يضيع هذا الحقَّ أَبدًا، ولكنْ يجب على من تمسَّك بهذا
([1]) أخرجه: البخاري رقم (8681)، ومسلم رقم (1921).
الصفحة 1 / 199