قال
المُؤلِّف رحمه الله: قال الحَسَن البَصْرِيّ رحمه الله تعالى: «الحَكِيم لا يُمارِي
ولا يُدَارِي، حِكمته يَنشرُها؛ إن قُبِلَتْ حَمِدَ اللهَ، وإن رُدَّتْ حَمِدَ اللهَ».
وجاءَ
رجلٌ إلى الحَسَن فقالَ: أنا أُناظِرُك في الدينِ، فقالَ الحَسَن: «أنَا عَرفتُ دِيني،
فإن ضَلَّ دِينك فَاذْهَبْ فَاطْلُبْه».
**********
قولُه: «قالَ الحَسَن البَصرِيّ:
الحَكِيم لا يُمارِي ولا يُدارِي» الحَسَن البَصرِي: هو الحَسَن بن أبي
الحَسَن البَصرِيّ الإمَام المَشْهُور من التَّابِعين، يقولُ: «الحَكيم» أي: الذِي عِنده حِكمة،
والحِكمة: وَضْعُ الشيءِ في مَوْضِعِه؛ وكَذلك الحَكيم يَعني الفَقِيه.
فالحَكِيم يُراد به مَعْنَيَان: المَعنى الأَوَّل مُراده الذِي يَضَعُ
الأمورَ في مَوَاضِعِها، ويُراد به أيضًا الفَقِيه لأن الحِكمَة هي الفِقْه
ومَعرِفة مُراد اللهِ ورسُوله، «لا
يُمارِي»: لا يُجادِل جِدالاً عَقيمًا ليس القَصْد منه الفَائِدة، «ولا يُدارِي»: لا يُدارِي أهلَ الباطلِ
ويَسْتَسْلِم لَهم.
قولُه: «حِكمته» يَعني: عِلمه «يَنشُرها إن قُبِلَتْ حَمِدَ اللهَ» هذا
هو المَطلوبُ، وإن لم تُقبَل فإنه يكُون أَبْرَأَ ذِمَّته وبَلَّغ الحُجَّة.
قولُه: «حَمِد اللهَ»؛ لأنه أقامَ
الحُجة، وبَلَّغ الحُجة، وأدَّى ما عليه، وهِدايةُ القلوبِ بيَدِ اللهِ سبحانه
وتعالى.
قول الحَسَن: «أنا عرفتُ دِيني،
فإن ضَلَّ دِينك فاذهبْ فَاطْلُبْه» هذه كلمةُ حكمةٍ، لما قالَ: أنا أُناظِرك
في الدينِ، فقالَ الحَسَن: «أنا عرفتُ
دِيني» يَعني: أنا لستُ في لَبْسٍ حتى أُناظِر وأَتَجَادَل معك، أما أنتَ إذا
كانَ دِينك لَبْسٍ معك فاذهبْ اطْلُبْه والْتَمِسْه.
الصفحة 1 / 199