×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤلِّف رحمه الله: قال الحَسَن البَصْرِيّ رحمه الله تعالى: «الحَكِيم لا يُمارِي ولا يُدَارِي، حِكمته يَنشرُها؛ إن قُبِلَتْ حَمِدَ اللهَ، وإن رُدَّتْ حَمِدَ اللهَ».

وجاءَ رجلٌ إلى الحَسَن فقالَ: أنا أُناظِرُك في الدينِ، فقالَ الحَسَن: «أنَا عَرفتُ دِيني، فإن ضَلَّ دِينك فَاذْهَبْ فَاطْلُبْه». 

**********

قولُه: «قالَ الحَسَن البَصرِيّ: الحَكِيم لا يُمارِي ولا يُدارِي» الحَسَن البَصرِي: هو الحَسَن بن أبي الحَسَن البَصرِيّ الإمَام المَشْهُور من التَّابِعين، يقولُ: «الحَكيم» أي: الذِي عِنده حِكمة، والحِكمة: وَضْعُ الشيءِ في مَوْضِعِه؛ وكَذلك الحَكيم يَعني الفَقِيه.

فالحَكِيم يُراد به مَعْنَيَان: المَعنى الأَوَّل مُراده الذِي يَضَعُ الأمورَ في مَوَاضِعِها، ويُراد به أيضًا الفَقِيه لأن الحِكمَة هي الفِقْه ومَعرِفة مُراد اللهِ ورسُوله، «لا يُمارِي»: لا يُجادِل جِدالاً عَقيمًا ليس القَصْد منه الفَائِدة، «ولا يُدارِي»: لا يُدارِي أهلَ الباطلِ ويَسْتَسْلِم لَهم.

قولُه: «حِكمته» يَعني: عِلمه «يَنشُرها إن قُبِلَتْ حَمِدَ اللهَ» هذا هو المَطلوبُ، وإن لم تُقبَل فإنه يكُون أَبْرَأَ ذِمَّته وبَلَّغ الحُجَّة.

قولُه: «حَمِد اللهَ»؛ لأنه أقامَ الحُجة، وبَلَّغ الحُجة، وأدَّى ما عليه، وهِدايةُ القلوبِ بيَدِ اللهِ سبحانه وتعالى.

قول الحَسَن: «أنا عرفتُ دِيني، فإن ضَلَّ دِينك فاذهبْ فَاطْلُبْه» هذه كلمةُ حكمةٍ، لما قالَ: أنا أُناظِرك في الدينِ، فقالَ الحَسَن: «أنا عرفتُ دِيني» يَعني: أنا لستُ في لَبْسٍ حتى أُناظِر وأَتَجَادَل معك، أما أنتَ إذا كانَ دِينك لَبْسٍ معك فاذهبْ اطْلُبْه والْتَمِسْه.


الشرح