×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤلِّف رحمه الله: والحلالُ ما شَهِدْت عليه وحلفْتَ عليه أنه حلال؛ وكذلك الحرام، وما حاكَ في صَدْرِك فهو شُبْهَة. 

**********

 فالذي يتخلف عن صلاة الجماعة من غير عذرٍ، هذا دليلٌ على نفاقه؛ لأن المُنَافقين يتخلفون عن الصَّلاة خصوصًا بالليل؛ لأن اللَّيلَ لا يراهُم أحد، أما بالنَّهار فيحضُرون؛ لأن الناس يروْنَهم، وهم يراؤُون بأعمالهم ويُنافقون.

قولُه: «والحلال ما شَهِدْت عليه وحلفْتَ عليه أنه حلال» قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ» ([1]) هناك حلالٌ لا شكَّ فيه، وهناك حرامٌ لا شكَّ فيه، وهناك قسم ثالث مُشتبه لا يُدْرَى هل هو حلال أم حرام؟ وهذا لا يعرفه إلا العلماءُ، وأكثرُ النَّاس لا يعرفونَه، فهذا حقُّهُ أن تتوقف فيه حتى تعرف من أي قسم هُوَ، فالحلال تأخذه، والحرام تتَجنَّبه، قال صلى الله عليه وسلم: «وَالإِْثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» ([2]) فهذا تجدُ نفسك لا ترتاح له، وعدم ارتياح نفسك له دليلٌ على أنه فيه شُبْهة، فعليك أن تتركه.

«والحلال ما شهدت عليه وحلفت عليه أنه حلال» أي: اطمأْنَنت إليه، ولم يُساوِرْك شكٌّ فيه، حتى أنك تحلف عليه أنه حلال؛ لأنه بيِّنٌ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «الحَلاَلُ بَيِّنٌ».


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (58)، ومسلم رقم (1599).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2553).