قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلمْ-رحمك اللهُ - أَنَّ من قال في دِيْنِ الله برَأْيِه
وقياسِه وتأْويلِه من غير حُجَّةٍ من السُّنَّةِ والجماعةِ، فقد قال على الله ما لا
يعلم، ومن قال على الله ما لا يعلم فهو من المتكلِّفين.
**********
قولُه: «وإِنْ كان كثيرَ العلم والكُتُبِ»
ما دام أَنَّه مبتدعٌ فلا ينفعه علمُه، ولو كان غزيرَ العلم متبحِّرًا، إِذا لم
يكن متَّبعًا للرَّسول صلى الله عليه وسلم، وإِنَّما يعمل بقول فُلانٍ وفُلانٍ،
فإِنَّ علمَه لا فائِدةَ فيه، وكُتُبَه لا يستفيد منها، قال الله تعالى في
اليَهُودِ: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ
حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ
أَسۡفَارَۢاۚ﴾ [الجمعة: 5]، الذي عنده مكتبةٌ ضَخْمةٌ وهو تاركٌ للعمل
أَوْ مبتدعٌ، هذا مثلُ الحِمار يحمل الكُتُبَ ولا يستفيد منها.
قال: «واعلمْ - رحمك الله- » كلُّ
جملةٍ يُصْدِرُها بقوله: «اعلم» من أَجْلِ
الانتباه، لأَنَّها مُهِمَّةٌ.
قولُه: «من قال في دِيْنِ الله برَأْيِه
وقياسِه وتأويلِه من غير حُجَّةٍ من السُّنَّةِ والجماعةِ، فقد قال على الله ما لا
يعلم» فالدِّينُ ليس بالرَّأْيِ، الدِّيُن إِنَّما هو بالاتِّباع، ليس
الدِّينُ بالرَّأْيِ ولا بالقياسِ، والمراد: القياسُ الفاسدُ لا القياسُ
الصَّحيحُ، فالدِّينُ ليس بالرَّأْيِ ولا بالقياسات ولا بالأَفْكار، وإِنَّما هو
بالوَحْيِ المُنزَّلِ على النَّبيِّ المرسلِ، هذا هو الدِّيْنُ.
قولُه: «وقياسه» المراد: القياسُ
الباطلُ، أَمَّا القياسُ الصَّحيحُ المبنيُّ على العِلَّة، فهذا من أُصول
الأَدلَّة؛ لأَنَّ الأَدلَّةَ: الكتابُ، والسُّنَّةُ، والإِجْماعُ، والقياسُ
الصَّحيحُ المبنيُّ على العِلَّةِ الصَّحيحةِ المنصوصِ عليها أَوِ المستنبطةُ؛
الصفحة 1 / 199