قال
المُؤلِّف رحمه الله: فاللهَ اللهَ في نَفسِك، وعَليْك بالآثارِ وأصحابِ الأَثَر والتقليدِ،
فإن الدينَ إنما هو بالتقليدِ، يَعني: للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رِضوَان
اللهِ عَليهم أجمعينَ، ومن قبلَنا لم يَدعُونا في لَبْسٍ فقَلِّدْهم واستَرِحْ ولا
تُجاوِز الأثرَ وأهلَ الأثرِ.
**********
الثاني: قِياس التَّمْثِيل، بأن يُقال: صِفات الخَالِق مِثل صِفات المَخلوق
كما تَقُوله المُمَثِّلة، وهذا باطلٌ.
الثالث: قِياس العِلَّة، وهذا من أدلَّة أصولِ الفِقْه، يُستعمَل في المَسائل
الفِقهية، وهذا يقولُ به جُمهور أهلِ العِلم.
قولُه: «فاللهَ اللهَ في نَفسِك، وعَليْك
بالآثارِ وأصحابِ الأَثَر والتقليدِ» المُراد بالتقليدِ الاتِّباع، وليس هو
التقليدُ الذِي عِند المتأخِّرين، بل المُراد به: الاتِّباع والاقتدَاء بأهلِ
العلمِ وأهلِ الصلاَح؛ كقَوله تَعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ
ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم
بِإِحۡسَٰنٖ﴾ [التوبة: 100]، وقَوله: ﴿وَٱتَّبَعۡتُ
مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ مَا كَانَ لَنَآ أَن
نُّشۡرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ عَلَيۡنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ
وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ﴾ [يوسف: 38]، فهذا
اتِّباعٌ، والتقليدُ الذِي هو بمَعنى الاتِّباع على الحَق محمودٌ، أما التقليدُ
الأعمَى الذِي بدُون دليلٍ فهذا هو المَردود، فالتقليدُ على قِسمين:
* تقليدٍ بمَعنى الاتِّباع على الحَقّ، وهذا محمودٌ.
* تقليدٍ من غَير دليلٍ، ومن غيرِ مَعرفةِ ما عَليه المقلَّد من حَقٍّ أو
باطلٍ، فهذا هو المَذموم.