×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: والتَّسْلِيْمُ على عِبادِ اللهِ أَجْمعين. 

**********

 فمعنى الآية أَنَّك إِذا أَمرتَ بالمعروف ونهيتَ عن المنكر، ولم يُعْمَلْ بقولِك فعليكَ بنفسِك، ولا تقلْ: أَنَا مثلُ النَّاس، أَوْ هذا شيءٌ عليه النَّاسُ، بل تَأْمُرُ بالمعروف، وتنهى عن المُنْكَرِ، فإِذا لم يُقْبَلْ منك فلا تتنازلْ عن شيءٍ من دِيْنِك، وتُجاملِ النَّاسَ وتَمْشِ معهم.

قولُه: «إِلاَّ مَنْ خِفْتَ سَيْفَه وعصاه» إِذا خِفْتَ إِذا أَنْكرتَ أَنْ تُقْتَلَ، أَوْ أَنْ تُضْرَبَ فإِنَّكَ تنتقل إِلى المرتبةِ الثَّانيةِ، وهي البيانُ باللِّسان، إِذا خِفْتَ من البيانِ باللِّسان؛ تنتقل إِلى المرتبةِ الثَّالثةِ، وهذه لا أَحدٌ يمنعك منها، لا أَحدٌ يمنع من الإِنْكار بالقلوب؛ لأَنَّه لا يعلم ما في القلوب إِلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى.

من حقِّ المسلمين بعضِهم على بعضٍ إِفْشاءِ السَّلام فيما بَيْنَهم، قال اللهُ جل وعلا: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ أَوۡ رُدُّوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَسِيبًا [النساء: 86]، وقال تعالي: ﴿فَإِذَا دَخَلۡتُم بُيُوتٗا فَسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ [النور: 61]، يعني يُسلِّمُ بعضُهم على بعضٍ؛ لأَنَّ المؤمنين كالنَّفْس الواحدةِ وكالجسدِ الواحدِ، والسَّلامُ تحيَّةُ المؤمنين يومَ يلقون اللهَ سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمۡ يَوۡمَ يَلۡقَوۡنَهُۥ سَلَٰمٞۚ [الأحزاب: 44] يُسلِّمُ اللهُ عليهم سبحانه وتعالى ويسمعون كلامَه وتسليمَه ويَرُدُّونَ عَليه السَّلام فيقولون: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ ومِنْكَ السَّلامُ. وكذلك أَهْلُ الجَنَّةِ تَحِيَّتُهُمْ فيها سلامٌ فيما بَيْنَهم، فيُحَيِّي بعضَهم بعضًا بالسَّلام في الجَنَّةِ؛ وكذلك هُمْ في الدُّنْيا يُحَيِّي بعضُهم بعضًا بالسَّلام.


الشرح