×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤلِّف رحمه الله: قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: «لا تَأْخذُوا عن أهل الكُوفة في الرفض شيئًا، ولا عن أهل الشام في السَّيف شيئًا، ولا عن أهل البصرة في القَدَر شيئًا، ولا عن أهل خُرَاسَان في الإِرجاء شيئًا، ولا عن أهل مكَّة في الصَّرف شيئًا، ولا عن أهل المدينة في الغِناء، ولا تأخذوا عنهم في هذه الأشياء شيئًا». 

**********

قول عبد الله بن المُبارك: «لا تأخذوا عن أهل الكُوفة في الرفض شيئًا»، لأن غالب الشِّيعة إنما نَشؤُوا من الكُوفة، فلا تأخذوا عنهم من مذهبهم شيئًا، من طعنهم في الصحابة، وغُلُوِّهم في أهل البيت.

ثم قال: «ولا عن أهل الشام في السَّيف شيئًا» ظاهر كلام المُصنِف أن الخوارج يغلب أنهم من أهل الشَّام، فقوله: «في السَّيف» يعني: الخروج عن وليِّ الأمر وقتال المسلمين، لكن هذا فيه نظر؛ لأن الخوارجَ في العراق وليسوا في الشام، أو كان يقصد حربهم مع علي رضي الله عنه.

ثم قال: «ولا عن أهل البصرة في القدر شيئًا»؛ لأن الاعْتِزال نشأ من البَصْرة، والتَّصوُّف نشأ من أهل البَصْرة.

ثم قال: «ولا عن أهل خُرَاسَان في الإرجاء شيئًا»؛ لأن الإرجاء نشأ من قُطْر خراسان وهو من أَقْطار بلادِ فارس، وكانت بلادًا واسعة، وبلادًا فيها علماء، وبلادًا فيها خير كثير وعادات طيبة لكن نبت فيها مذهب الإرجاء، والإِرْجاء: هو إخراج العمل عن حقيقة الإيمان، 


الشرح