قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: وإِذا وقعت الفِتْنةُ فالْزَمْ جوفَ بيتِك، وفِرْ من جوارِ
الفِتْنة، وإِيَّاكَ والعصبيَّةَ، وكلُّ ما كان من قتالٍ بين المسلمين على الدُّنْيا
فهو فتنةٌ، فاتَّقِ اللهَ وَحْدَه لا شريكَ له، ولا تخرج فيها ولا تقاتل فيها، ولا
تهو ولا تشايع ولا تمايل، ولا تحبُّ شيئًا من أُمورِهم، فإِنَّه يقال: مَن أَحبَّ فِعَال
قومٍ- خيرًا كان أوْ شرًا - كان كمن عملَه، وفّقَنا اللهُ وإِيَّاكم لمرضاتِه، وجَنّبْنَا
وإِيَّاكم معاصيه.
**********
يجادلون فيها هلْ هي من عندِ الله،
أَوْ ليست من عندِ الله، هل القُرْآنُ كلامُ الله أَوْ لا؟ هل هو مُنزَّلٌ أَوْ
مخلوقٌ؟، هذا كلُّه من الجِدال في كتاب الله عز وجل، ومن المماراةِ الباطلةِ.
قولُه: «وزَمانُك خاصةً زمانُ سوءٍ
فاتَّقِ اللهَ» هذا في وقتِ المُؤَلِّفِ، فكيف بما بعده من الأَزمةِ،
الفِتْنةُ أَشدُّ، وكان زمانُه - على ما فيه من الفِتَنِ- فيه علماءُ، لكنْ كلَّما
تأَخَّر الزَّمانُ قلَّ العلماءُ، وكثُر الشَّرُّ، فالخطرُ أَشدُّ من آخِرِ
الزَّمان.
قولُه: «وإِذا وقعتِ الفِتْنةُ فالْزَمْ
جوفَ بيتِك» إِذا وقعت الفتنةُ وهي القتالُ بين المسلمين فالْزَمْ بيتَك،
كُفَّ يدَك ولسانَك لتَسْلَمَ، هذا إِذا كان ليس لخروجِك من بيتِك فائِدةٌ، ولا
يُقْبَلُ منك، فالْزَمْ بيتَك، أَمَّا إِذا كان لخروجِك مع النَّاس، واختلاطِك بهم
ودعوتِهم إِلى اللهِ وبيانِ الحقِّ فائِدةٌ فاخْرُجْ، وهذا ما يُسمَّى بـ«الاخْتلاط والعُزْلة»، الاختلاطُ
والعُزْلةُ أَيُّهما أَفْضلُ؟ نقول: هذا يختلف، إِذا كان في الاختلاطِ فائِدةٌ
ودعوةٌ إِلى الله وبيانٌ للحقِّ فالاختلاطُ أَفْضلُ، وإِذا كان الاختلاطُ
الصفحة 1 / 199