×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤلِّف رحمه الله: وإذا رأيتَ الرَّجلُ يطعن على أحدٍ من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم، فاعْلَم أنه صاحبُ هوًي وصَاحِبُ قولِ سوءٍ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا» ([1])، فقد علم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ما يكون منهم من الزللِ بعد موتِهِ، فلم يقلْ فيهِم إلا خيرًا، وقوله: «ذَرُوا أَصْحَابِي، لا تَقُولُوا فِيهِمْ إلاَّ خَيْرًا» ([2]) ولا تُحدِّث بشيءٍ من زلَلِهِم، ولا حربِهِم، ولا ما غابَ عنك علمُه، ولا تسمعْهُ من أحدٍ يُحدِّث به، فإنه لا يَسْلم لك قلبُك إن سمعتَ. 

**********

من علامَات أهلِ الضَّلال، وأهلِ النِّفاق أنهم يَطعنُون في أصْحاب مُحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم يُبْغضُونَهم، ومنْ يُبْغضْهُم فهو مُنافقٌ يُظهر الإيمانَ ويُبْطن الكفرَ؛ لأن حبَّهم إيمانٌ وبُغْضهم نفاقٌ ([3])؛ كما في الحديث؛ لأنهم صحابةُ رسولِ الله أوصَى بهم النبي صلى الله عليه وسلم خيرًا ونهَى عن مَسَبَّتهم، فهم الذين ناصَروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهاجَروا معه، وناصرُوه وآَوَوْه، الذين هاجَروا هم المُهاجرُون، والذين آوَوْا ونصَروا هم الأنْصَار، ولابدَّ من حبِّهم جميعًا والثَّناء عليهِم والاقتداءِ بهم، فالذي يطعَن فيهم ويتنقَّصُهُم هذا دليلٌ على أنه لا يُحب الرَّسُول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو كان يُحِب الرَّسُول لأحبَّ الصَّحابة، فما أبغضَهُم إلا من أبْغضَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، ومن أبْغضَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم كان كافرًا.


الشرح

([1])  أخرجه: الطبراني في «الكبير» رقم (1427)، والحارث في «مسنده» رقم (742).

([2])  أخرجه: النسائي في «الكبرى» رقم (10877)، وأحمد رقم (13812).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (3573)، ومسلم رقم (74).