قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: والكفُّ عن حربِ عَلِيٍّ ومُعَاوِيَةَ وعَائِشَةَ وطَلْحَةَ
والزُّبَيْرِ- رحمهم اللهُ أَجْمعين - ومن كان معهم، ولا تخاصم فيهم، وَكَّلْ أَمْرَهُمْ
إِلى اللهِ تبارك وتعالى، فإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «إِيَّاكُمْ
وذِكْرِ أَصْحَابِي وَأَصْهَارِي وَأَخْتَانِي» ([1])، وقوله: «إِنَّ اللهَ
تبارك وتعالى نَظَرَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فقال: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَإِنِّي قَدْ
غَفَرْتُ لَكُمْ» ([2]).
**********
ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكۡنَا وَلَآ ءَابَآؤُنَا
وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَيۡءٖۚ﴾ [الأنعام: 148]، هذا احتجاجٌ بالقَدَرِ، كما احتجَّ
إِبْلِيْسُ، فقال: ﴿قَالَ فَبِمَآ
أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ﴾ [الأعراف: 16]،
احتجَّ بالقَدَر ونَسِيَ أَنَّه تكبَّر هُوَ عن أَمْرِ الله سبحانه وتعالى فاللهُ
أَغْوَاهُ بسببِ ماذا؟ بسببِ أَنَّه أَبَى واسْتَكبَرَ وكان من الكافرين، أَبى
أَنْ يسجدَ؛ كما أَمَرَهُ اللهُ سبحانه وتعالى فلا حُجَّةَ له بذلك، الحُجَّةُ
قائِمةٌ عليه، لأَنَّ ما حصل عليه من الشَّقاوةِ كان لسببِ عِصْيانِه.
قولُه: «والكفُّ عن حربِ عَلِيٍّ ومُعَاوِيَةَ وعَائِشَةَ وطَلْحَةَ والزُّبَيْرِ- رحمهم اللهُ أَجْمعين- » هذا أَصْلٌ عظيمٌ، وهو أَنَّه يجب على المسلم في حقِّ صحابةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، من المهاجرين والأَنْصارِ الذين آزَرُوا الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم وحَمَوْهُ وجاهدوا معه، وبذلوا أَمْوالَهم وأَنْفُسَهم، وتركوا ديارَهم وأَوْطانَهم، وتبعوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلهم من الفضل ما ليس لغيرهم، فهُمْ خيرُ القرون؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ([3])فخيرُ القرونِ هُمْ الصَّحابةُ رضي الله عنهم لِمَا قاموا به
([1]) أخرجه: الطبراني في «الكبير» رقم (5640).
الصفحة 1 / 199