×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلمْ - رحمك الله - أَنَّ العلمَ ليس بكثرة الرِّواية والكُتُبِ، وإِنَّما العالِمُ من اتَّبع العلمَ والسُّنَنَ، وإِنْ كان قليلَ العلمِ والكُتُبِ، ومن خالف الكتابَ والسُّنَّةَ فهو صاحبُ بِدْعَةٍ وإِنْ كان كثيرُ العلمِ والكُتُبِ. 

**********

قولُه: «واعلمْ - رحمك الله - أَنَّ العلمَ ليس بكثرة الرِّواية والكُتُبِ» التَّعلُّمُ ليس بكثرة المعلومات والاطِّلاعِ وكثرةِ الكُتُبِ، العلمُ إِنَّما هو بالفقه وبالاتِّباع والعمل ولو كان العلم قليلاً، فالقليلُ من العلم مع العملِ الصَّالحِ والفقهِ في دِينِ الله كثيرٌ، والعلمُ الكثيرُ من غير عملٍ، ومن غير اتِّباعٍ لا فائِدةَ فيه، فاليَهُودُ فيهم علماءُ، فيهم أَحْبارٌ ومع هذا لم ينفعْهم علمُهم وصاروا مغضوبًا عليهم؛ لأَنَّهم عصوا اللهَ على بصيرةٍ، فليس القصدُ كثرةَ العلم، وكثرةَ المطالعات، المقصودُ العملُ، هذا هو المقصودُ بالعلم، وهذا هو طريقُ المُنْعَمِ عليهم، كما قال تعالى: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦ صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧ وهُمْ: أَهْلُ العلم والعملِ،﴿غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ  وهُمْ: أَهْلُ العلم بدون عملٍ، ﴿وَلَا ٱلضَّآلِّينَ [الفاتحة: 6- 7] وهُمْ: أَهْلُ العمل بدون علمٍ، فالعلمُ لا ينفع إِلاَّ مع العمل، والعملُ لا ينفع إِلاَّ مع العلم، فلابدَّ من اجتماع العلمِ والعملِ، وهذا طريقُ المُنْعَمُ عليهم.

قولُه: «وإِنَّما العالمُ من اتَّبع العلمَ والسُّنَنَ، وإِنْ كان قليلَ العلمَ والكُتُبَ» إِنَّما العالمُ من اتَّبع الكتابَ والسُّنَنَ، وإِنْ كان قليلَ المحصول في العلم، بخلاف من كان محصولُه في العلم كثيرًا، أَوْ عنده كُتُبٌ كثيرةٌ ومتنوعةٌ ولكنَّه لا يعمل فهذا لا فائِدةَ فيه.


الشرح