قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: وإِيَّاكَ والنَّظرَ في الكلام، والجلوسَ إِلى أَصْحاب الكلام.
**********
قولُه: «وإِيَّاك والنَّظرَ في الكلام» يجب
العمل بالكتاب والسُّنَّةِ، وما عليه السَّلفُ الصَّالحُ من الاعتقاد والعملِ
والسُّلوكِ، هذا هو المنهجُ السَّليمُ، ومن ترك منهجَ السَّلف الصَّالحِ في
الاعتقاد، وفي غيرِه وذهب مع علماءِ الكلام الذين يثبتون العقائِدَ بقواعدِ
المنطقِ وعلمِ الكلام والجَدَلِ، والمُقدِّماتِ والنَّتائِجِ يُسمُّونها براهينَ
عقليَّةً، فهذا ضلالٌ في العقيدة، وضلالٌ في الاستدلال، واللهُ أَغْنانا عن علمِ
الكلامِ وعن غيرِه بما أَنْزَلَ على رَسُولِه من الكتاب والسُّنَّةِ، فلا خيرَ
إِلاَّ في الكتاب والسُّنَّةِ، لا سيَّما في أُمورِ العقيدة التي هي الأَصْلُ، وهي
الأَساسُ، فلا نبني عقيدتَنا إِلاَّ على أَدلَّةِ الكتاب والسُّنَّةِ، ولا نبنيها
على قواعدِ المنطق، وعلمِ الكلام، فكلامُ العلماءِ في علمِ الكلام والمتكلِّمين
معلومٌ، يقول الإِمامُ الشَّافعيُّ رحمه الله: «حُكْمِي في أَهْلِ الكلامِ أَنْ يضربوا بالجريدِ والنِّعالِ، وأَنْ
يُطَافَ بِهم في القبائِل، وأَنْ يُقالَ: هذا جزاءُ من أَعْرَضَ عن الكتابِ
والسُّنَّةِ وذهب إِلى علمِ الكلام».
فعِلْمُ الكلام مذمومٌ، وكان السَّلفُ يُحذِّرُون منه غايةَ التَّحْذير،
وأَنَّه لا يُتَّخَذُ منهجًا في العقائِد يُسار عليه، ويُتْرَكُ الكتابُ
والسُّنَّةُ مثلُ الذين يقولون: الجسمُ، والجوهرُ.. إِلى آخره، ويقولون: إِثْباتُ
الصِّفات يقتضي التَّجْسيم، والأَجْسامُ متشابهةٌ، فينفون أَسْماءَ الله وصفاتِه
فرارًا من التَّجْسيم، والجسمُ هو ما يتكوَّن من الجواهرِ الفرديَّةِ، والجوهرُ
الفردِ هو الجُزْءُ الذي لا يتجزَّأُ، والعَرضُ هو ما يقوم بغيرِه،
الصفحة 1 / 199