قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: والصَّلواتُ الخمسُ جائِزةٌ خلفَ من صلَّيت خلفَه، إِلاَّ أَنْ
يكونَ جهميًّا، فإِنَّه مُعطِّلٌ، وإِنْ صلَّيتَ خلفَه فأَعِدْ صلاتَك، وإِنْ كان إِمامُك
يومَ الجمعة جهميًّا وهو سُلْطانٌ فصَلِّ خلفَه، وأَعِدْ صلاتَك، وإِنْ كان إِمامُك
من السُّلْطان وغيرِه صاحبَ سُنَّةٍ فصَلِّ خلفَه ولا تُعِدْ صلاتَك.
**********
قولُه: «والصَّلواتُ الخمسُ جائِزةٌ خلفَ من
صَلَّيْتَ خلفَه» هذه مسأَلة الإِمامةِ في الصَّلاة، من الذي يصحُّ أَنْ يكونَ
إِمامًا؟ والذي لا تصحُّ إِمامتُه؟
أَوَّلاً: إِذا كان الإِمامُ هو السُّلْطانُ، فهذا يُصلِّي خلفَه؛ كما
يأْتي دون نظرٍ إِلى بعضِ ممارساتِه التي يكون فيها معصيةٌ أَوْ مخالفةٌ ما لم
يخرجْ عن الدِّيْن؛ لأَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بالصَّلاة خلفَهم؛
لأَجْلِ جمعِ الكلمة، وعدمِ التَّفرُّق، فمَهْمَا كان عنده من الذُّنوب والمعاصي
ما لم يَصِلْ إِلى حدِّ الكُفْر فإَِّنه يُصلَّى خلفَه؛ من أَجْل جمعِ الكلمة
خصوصًا في الجُمَعِ والأَعْيادِ؛ وكذلك في الفرائِض، وإِنْ كان وَلِيُّ الأَمْرِ
جهميًّا فإِنَّك تُصلِّي خلفَه، وتعيد صلاتَك.
ثانيًا: إِذا كان الإِمامُ الفاسقُ في سلطانٍ، فهذا محلُّ خلافٍ بين
العلماءِ على قولين: القَوْلِ الأَوَّلِ: بعضُ العلماءِ يشترط فيه العدالةَ، فلا
تصحُّ خلفَ الفاسقِ الذي يأْتي كبيرةً من كبائِر الذُّنوب دون الشِّرْك، قالوا: لا
يُصلَّى خلفَه؛ لأَنَّه ليس بعدلٍ، ولا يُتَّخَذُ إمامًا.
القولِ الثَّاني: ما دام أَنَّه مسلمٌ تصحُّ صلاتُه في نفسه فإِنَّها تصحُّ
الصَّلاةُ خلفَه فيُصلَّى خلفَ كلِّ مسلمٍ، ولو كان عنده شيءٌ من المعاصي دون
الشِّرْك، ودون الكفرِ فإِنَّه يُصلَّى خلفَه. وهذا ظاهرُ كلام المُصنِّف.
الصفحة 1 / 199