قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: والإِيْمانُ بأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وعُمَرَ- رحمةُ الله عليهما
- في حُجْرَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنهم مع رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قد دُفِنَا
هنالك معه، فإِذا أَتَيْتَ القبرَ فالتَّسْليمُ عليهما بعد رَسُولِ الله صلى الله عليه
وسلم واجبٌ.
**********
ولُه: «والإِيْمانُ بأَنَّ أَبَا بَكْرٍ
وعُمَرَ -رحمةُ الله عليهما- في حُجْرَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنهم مع رَسُولِ الله
صلى الله عليه وسلم » لمَّا تُوُفِّي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم اختلف
النَّاسُ أَيْنَ يدفنونه؟ هل يدفنونه مع أَصْحابِه في البَقِيْعِ، أَوْ ماذا
يعملون؟ فذُكِرَ لهم حديثٌ عنه صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ «يُدْفَنُ حَيْثُ يَمُوتُ» ([1])، عند ذلك انحلَّت
المشكلةُ، فدفنوه تحت الفراش الذي مات عليه عليه الصلاة والسلام في حُجْرَةِ
عَائِشَةَ أُمِّ المؤمنين؛ لأَنَّه مرِض في بيتِ عَائِشَةَ.
النَّاحية الثَّانية: أَنَّه لو أَبْرَزَ قبرَه ودُفِنَ في البَقِيْعِ؛
لحصل بذلك الغُلُوُّ وتزاحمُ النَّاس على قبره فلأَجْلِ صيانتِه وحمايتِه دُفِنَ
في بيتِه؛ ولهذا قالت عَائِشَةُ رضي الله عنها لما ذكرتْ حديثَ النَّهْيِ عن الغُلُوِّ
في القبورِ، وأَنَّ اليَهُودَ والنَّصَارَى غُلُوا في قبورِ أَنْبيائِهم
اتَّخَذُوها أَوْثانًا، قال: «وَلَوْلاَ
ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، إِلاَّ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا»
([2]).
فبيَّنت الحكمةَ من دَفْنِه في بيتِه عليه الصلاة والسلام، وكان بيتُه خارجَ المسجد؛ لأَنَّ حُجرَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم تكتنف المسجدَ من جهةِ الشَّرْق ومن جهةِ الجنوب، فبَقِيَ صلى الله عليه وسلم في بيتِه مقبورًا خارجَ المسجد إِلى أَنْ أَرادَ الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ تَوْسِعَةَ المسجدِ فأَدْخَلاَ الحُجْرةَ فيه على ما هي عليه، لم يُغيَّرْ
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1018)، والبغوي في«شرح السنة» رقم (3832).