فيها شيئًا، وإِنَّما
أُدْخلت بحُجَّةِ التَّوسعة للمسجد النَّبويِّ، وإِلاَّ فهو في بيتِه عليه الصلاة
والسلام، لا يزال في بيتِه وليس في المسجد، ثم لمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رضي
الله عنه دُفِنَ مع الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم خلفَ ظَهْرِهِ، إِكْرامًا له،
ومِيْزَةً له رضي الله عنه؛ ولأَنَّه كان صاحبَه الملازمَ له في حياتِه فدُفِنَ
معه رضي الله عنه، ثم لمَّا تُوُفِّيَ عُمر رضي الله عنه كانت عَائِشَةُ تريد أَنْ
تُدْفَنَ في حجرتِها مع زوجِها رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ومع أَبِيْها،
ولكنَّ عُمَرَ اسْتَأْذَنَها لحبِّه لرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولحبِّه
لأَبِي بَكْرٍ اسْتَأْذَنَها أَنْ يُدْفَنَ معهما، فأَذِنَتْ له رضي الله عنها
وآثرتْه على نفسِها، فدُفِنَ رضي الله عنه خلفَ أَبِي بَكْرٍ في الحُجْرَةِ، فهذه
هي القبورُ الثَّلاثةُ: قبرُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مما يلي القِبْلة، ثم
قبرُ أَبِي بَكْرٍ، ثم قبرُ عُمَرَ رضي الله عنه في حُجْرَةِ عَائِشَةَ رضي الله
عنها، وعَائِشَةُ رضي الله عنها لمَّا ماتتْ دُفِنَتْ في البقيعِ مع الصَّحابةِ
رضي الله عنهم.
فيجب الإِيْمانُ بذلك؛ لأَنَّ معرفةَ ذلك، ومعرفةَ قبرِ النَّبيِّ، وقبرَ
صاحبيه فيها فائِدةٌ للمسلم لأَجْلِ أَنْ يُسلِّمَ عليهما، ويزورَهم ويُسلِّمَ على
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه، لينالَ بذلك الأَجْرَ والثَّوابَ،
ثوابُ الزِّيارة والسَّلام.
قولُه: «فإِذا أَتيتَ القبرَ
فالتَّسْليمُ عليهما بعدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم واجبٌ» هذه
الثَّمرةُ أَوِ الحِكْمةُ من معرفةِ أَيْنَ دُفِنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه
وسلم وصاحباه أَبُو بَكْرٍ وعُمَرُ، ثمرةُ ذلك أَنْ تُسلِّمَ عليهم إِذا زُرْتَ
المسجدَ النَّبويَّ وصلَّيتَ فيه، فإِنَّك تُسلِّمُ على رَسُولِ الله صلى الله
عليه وسلم وعلى صاحبيه لتنالَ بذلك ثوابَ الزِّيارة.