قال
المُؤلِّف رحمه الله: واعلمْ أن الدِّين هو التَّقْلِيد، والتَّقْلِيد لأصحابِ رسولِ
اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قال
المُؤلِّف رحمه الله: وسمعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قومًا على بابِ حُجْرَتِه
يقولُ أحدُهم: ألم يَقُلِ اللهُ كذا؟ ويقولُ الآخَر: ألم يَقُلِ اللهُ كذا؟، فخرجَ
مُغضبًا، فقالَ: «أَبِهَذَا أَمَرْتُكُمْ؟! أَمْ بِهَذَا بُعِثْتُ إِلَيْكُمْ؟! أَنْ
تَضْرِبُوا كِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ؟!» ([1])فنَهَاهُم عن الجِدال.
**********
تقدَّمَ شرحُ هذا.
المُناظرة إنما تكُون في الأشياءِ الخَفِيَّة التِي لا يُدرَى من الحَقّ
معَه، فهذا يَحصُل فيه مُناظرةٌ من أجلِ أن يتَّضِح الحَقّ ويتبيَّن مع أيِّ
الفريقَيْنِ أو مع أيِّ الرجُلَيْنِ، أما إذا توضَّحَ الحَقّ واستبانَ فلا نَقْبَل
المُناظرَة؛ لأن المُناظِر يُريد التَّأثِير على الحَقّ وصَرْف النَّاسِ عنه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «أَبِهَذَا
أَمَرْتُكُمْ؟!» هذا حديثٌ عظيمٌ، لما سَمِعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم
قومًا يَتَجَادلُون في القُرآن ويَأخذون الآياتِ المُتشابهاتِ ويَحتجُّون بها، كُل
يأخذُ آيةً تُعارِض الآيةَ الأُخْرَى، ويَقول: «أَلَمْ يَقُلِ اللهُ كذا؟» ثم يقولُ الآخَر: «أَلَمْ يَقُلِ اللهُ كذا؟» فهذه طريقةُ أهلِ الزَّيْغ، قالَ تَعالى: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ
وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ﴾ [آل عمران: 7].
ولهذا قالَ صلى الله عليه وسلم: «أَبِهَذَا أَمَرْتُكُمْ؟!» الرَّسُول يَنهى عن هَذا، قالَ: «لا تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ»، كتابُ اللهِ لا يَتضارَب أبدًا ولا يَتعارَض،
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (85)، وأحمد رقم (6668)، وأبو يعلى رقم (3121).