قال المُؤلِّف رحمه الله: وكان
ابنُ عُمَر رضي الله عنهما يَكْرَه المُناظرة، ومَالكُ بن أنسٍ، ومن فوقَه، ومن دُونَه،
إلى يَوْمِنا هذا، وقَول اللهِ عز وجل أَكْبَر من قَول الخَلقِ، قالَ اللهُ تبارك وتعالى:
﴿مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ
ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي
ٱلۡبِلَٰدِ﴾ [غافر:4] .
وسألَ
رَجُل عُمَر بن الخَطَّاب رضي الله عنه فقالَ: ما ؟ فقالَ ﴿وَٱلذَّٰرِيَٰتِ ذَرۡوٗا ١فَٱلۡحَٰمِلَٰتِ
وِقۡرٗا ٢﴾ [الذاريات:1-2]: «لَوْ كُنْتَ مَحْلُوقًا، لَضَرَبْتُ
عُنُقَكَ» ([1]).
وقال
النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ لاَ يُمَارِي، وَلاَ أَشْفَعُ لِلْمُمَارِي
يَوْمَ القِيَامَةِ، فَدَعُوا الْمِرَاءَ لِقِلَّةِ خَيْرِهِ» ([2]).
**********
إذا وُفِّقَ العالمُ لفهمِه، فإنه إنما يَتعارَض ويتضارَب عِند الجاهلِ
الذي ليس معه أُصول العِلم الصَّحيح.
قولُه: «وكانَ ابنُ عُمَر رضي الله عنهما يَكْرَه
المُناظرة» المُراد المناظرةُ التِي القَصْد مِنها التَّشْوِيش على الناسِ،
وكُلٌّ يَنتصر لرَأْيِه، لا يريدُ الحقَّ وإنما يُريد أن ينتصرَ لرَأْيِه وأن
يَغْلِب خَصْمَه، هذه مُناظرة مذمومةٌ، أما إن كانَ القَصْد منها الوُصُول للحَقّ،
ومَعرفَة الحَقّ مع من كانَ، ثم يَرجِعون إلى الحَقّ فهذا شَيْءٌ مَطلوبٌ.
قولُه: «ومالكُ بن أَنَسٍ، ومن فَوْقَه، ومن دُونَه، إلى يَوْمِنَا هذا» يَعني يَكْرَهُون المُناظرة، مع أن المُناظرة قد تَتَعَيَّن أحيانًا لكن الإنسانَ في عافيةٍ لا يَدخُل في المُناظرة إلا عِند الضَّرورة، وإذا كانَ عِنده
([1]) أخرجه: الدارمي رقم (144).