×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

الحقِّ أَنْ يصبرَ عليه، ويصبر على ما يلقى، وإِلاَّ فإِنَّ اللهَ جل وعلا لا يضيع هذا الحقَّ أَبدًا، بل يُقيِّضُ له أَنْصارًا وأَتْباعًا، وقد ينتقل من مكانٍ إِلى مكانٍ فإِذا تُرِكَ في مكانٍ قيَّض اللهُ آخرين، كما قال تعالى: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم [محمد: 38]؛ وكما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة: 54]، فهذا ضمانٌ من الله جل وعلا لبقاءِ هذا الحقِّ، وأَنَّه سيُقيَّض له من يقوم به ويحميه، فالخطرُ ليس على الدِّين أَنَّه يضيع، ولكنَّ الخطرَ علينا نحن إِنْ لم نتمسَّكْ بهذا الدِّيْن ونصبر عليه، فإِنَّه يُؤْخَذُ منَّا ويُعْطى لغيرِنا، فعلينا أَنْ نخافَ على أَنْفُسِنا لئَلاَّ يُؤْخَذَ منَّا هذا الدِّيْنُ، ويُعطى لغيرِنا ونهلك.

قولُه: «أَنَّه لا يزال النَّاسُ في عِصابةٍ من أَهْلِ الحقِّ والسُّنَّةِ» عصابةٌ يعني: جماعةً؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ» تُسمَّى طائِفةً، وتُسمَّى جماعةً، وتُسمَّى عصابةً.

قولُه: «يهديهم اللهُ» للتمسُّك بهذا الحقِّ، «ويهدي بهم غيرَهم» فهم يهتدون في أَنْفُسِهم ويهدون غيرَهم، هذه صفةُ العلماءِ الرَّبَّانيِّين، أَنَّهم لا يقتصرون على أَنْفُسِهم، بل أَيْضًا يدعون غيرَهم إِلى الحقِّ ويُبصِّرونهم به، ويهدونهم إِليه، بمعنى أَنَّهم يرشدونهم إِليه ويوضِّحونه لهم.

قولُه: «ويُحْيِي بهم السُّنَنَ» أَيْ: السُّنَنُ النَّبويَّةُ بعد أَنْ درستْ واندفنت فإِنَّهم يبعثونها ويحيونها، هذه طريقتُهم، أَنَّهم يُحْيُونَ السُّنَنَ


الشرح