×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

 حتى قالوا: إِنَّه لا داخلُ العالم ولا خارجُ العالم، ولا فوقٌ ولا تحتٌ ولا يُمْنَةٌ ولا يُسْرَةٌ. إِذًا يكون معدومًا، تعالى اللهُ عمَّا يقولون، قالوا: ليس له سمعٌ ولا بصرٌ ولا علمٌ ولا إِرادةٌ. إِذًا يكون جمادًا؛ لأَنَّ الجمادَ هو الذي يُوصَف بهذه الأَشْياءِ يكون مثلَ الأَصْنام تعالى اللهُ عن ذلك.

قولُه: «وقاسوا الدِّينَ على رَأْيِهم» اتِّبعوا القياسَ الباطلَ، قاسوا اللهَ بخَلْقِه، فنفوا أَسْماءَه وصفاتِه؛ لأَنَّها عندهم تقتضي التَّشْبيهَ، ولم يعلموا أَنَّ أَسْماءَ الله وصفاتِه خاصةٌ به سبحانه، وأَنَّ أَسْماءَ المخلوقين وصفاتِ المخلوقين خاصةٌ بِهم ولا تشابُهَ بين هذا وهذا؛ فكما أَنَّ لله ذاتًا لا تُشْبِهُ الذَّوات فكذلك له أَسْماءٌ وصفاتٌ لا تُشِبْهُ الأَسْماءَ والصِّفاتِ التي للمخلوقين، من أَخذ هذا استراح وسار على الجادةِ الصَّحيحةِ.

قولُه: «فجاؤُوا بالكفرِ عيانًا لا يخفي» كفروا بالله بسبب هذه المقالاتِ الشَّنيعةِ في حقِّ الله جل وعلا.

قولُه: «فكفروا وكفَّروا الخلقَ» كفَّروا الذين يصفون اللهَ بأَسْمائِه وصفاتِه، لأَنَّهم يقولون: هذا مُشَبِّهٌ. والتَّشبيهُ كفرٌ، نقول: لا، ليس هذا تشبيهًا. اللهُ جل وعلا قال سبحانه: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ [الشورى: 11]، نفى عن نفسه التَّشبيهَ وأَثْبَتَ لنفسه السَّمْعَ والبصرَ، مع أَنَّ السَّمعَ والبصرَ موجودان في المخلوقين، فدلَّ على أَنَّه لا يتشابه هذا مع هذا.


الشرح