فيحرم دمُ المسلم ومالُه
وعِرْضُه، فلا يجوز التَّعدِّي على مال المسلم ولا أَخْذُهُ إِلاَّ بطيبةٍ من نفسِ
المسلم، إِذا سمح بشيءٍ من ماله فهو حلالٌ، وأَمَّا أَنْ يُؤْخَذَ منه قهرًا، أَوْ
بغير طِيْبِ نفسٍ أَوْ غصبًا، أَوْ سَرِقَةً، أَوْ خِيانةً، فإِنَّه حرامٌ؛
كحُرْمةِ دَمِه وعِرْضِه، وهذا كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا
تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ﴾ [البقرة: 188]،
وقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن
تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ﴾ [النساء: 29]،
كثيرٌ من النَّاس لا يبالي بهذا إِمَّا أَنْ يقتلَ أَخاهُ المسلمَ لأَخْذِ مالِه،
وإِمَّا أَنْ يأْخذَ مالَه بالسَّرقة، يقطع الطَّريقَ، بالخِيانة، بالغِشِّ في
البيعِ والشِّراءِ، فلا يبالي بهذا فيأْخذ مالَ أَخيه بالباطل من غيرِ طيبةٍ من
نفسِه، هذا كلُّه حرامٌ، وكبيرةٌ من كبائِرِ الذُّنوب.
قولُه: «وإِنْ كان مع رجلٍ مالُ حرامٍ
فقد ضَمِنَه» إِذا أَخذ مالَ أَخيه بغيرِ حقٍّ بأَيِّ نوعٍ من أَنْواع الأَخْذ
فإِنَّه مضمونٌ عليه حتى يُؤَدِّيه إِلى صاحبه؛ لأَنَّه لا بدَّ من أَداءِ المظالم
إِلى أَصْحابِها قبلَ الموت، وإِلاَّ فإِنَّ أَصْحابَها سيقتصُّون من المظالم يومَ
القيامة، يقتصُّون من حسناتِه، حتى ربَّما لا تبقى له حسنةٌ، ثم تُؤْخَذُ من
سيِّئَاتِ المظلومين فتحمل عليه ويلقى في النَّار والعياذُ بالله، فمالُ المسلم
ولو أَخَذْتَه بغصبٍ، أَوْ بمعاملةٍ محرَّمةٍ، أَوْ أَخذته بقهرٍ، أَوْ بسرقةٍ
فإِنَّه مضمونٌ لا بدَّ أَنْ تُؤَدِّيَهُ إِمَّا في الدُّنْيا، وإِمَّا في الآخرة،
فتنبَّهْ لذلك هو مضمونٌ عليك ولا بدَّ من أَدائِه في الدُّنْيا أَوْ في الآخرة،
وأَداؤُهُ في الدُّنْيا أَسْهلُ عليكَ من أَدائِه في الآخرة.
الصفحة 2 / 199