قَال
المُؤلِّف رحمه الله: وكلُّ عِلمٍ ادعَاه العبَاد مِن عِلمِ البَاطِن لم يُوجدْ في
الكِتَاب والسُّنة، فهُو بِدعةٌ وضَلالَة، ولا ينبَغِي لأَحدٍ أَن يعْملَ به، ولا يَدعُو
إِليْه.
**********
بإِخْوانِك المسلمين، فإِذا ثبَت
لك أَنَّ هذا المسلمَ عليه ملاحظةٌ، فإِنَّك تُنَاصِحُهُ سرًا وتَسْتُرُ عليه، قال
صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ سَتَرَ
مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ» ([1]) ولا تَفْضَحْهُ
وتُشَهِّرْ به في المجالس، بل عليكَ أَنْ تُنَاصِحُهُ سِرًّا بَيْنَك وبَيْنَه مع
السِّتْرِ عليه.
عِلْم البَاطِن عند البَاطِنيَّة مِن الإِسمَاعيليَّة وغيرِهم الذين
يَقولُون: إِنَّ للنُّصوصِ ظَاهرًا وبَاطنًا، البَاطِنُ لا يعرِفُه إلا
خُواصُّهُم، وأما الظَّاهر فهذا عِندَ العامَّة، يقولُون: المُرادُ بالصَّلاة
الدُّعاء، فمنْ دَعا فقد صَلَّى، ليسَ المرادُ الصَّلواتِ الخمسِ وصلاةُ النافلةِ،
ويقولُون: المرادُ بالزَّكاةِ طَهارة النَّفسِ وتَنْقية النَّفس وليسَ المُرادُ زكاةَ
المالِ، ويَقولُون: المُرادُ بالصِّيام كَتْم أَسرارِهم ومَذهبِهمْ، ولذلكَ هُمْ
يُسمَّون بالمُنظماتِ السِّريَّة، ويَقولُون: الحَجُّ معناه الذَّهابُ إلى
مَشايخِهم، وليْسَ المُرادُ الذهابَ إلى بيتِ اللَّهِ لِلحَجِّ والعُمْرةِ.
قَولُهُ: «وهو بِدْعةٌ وضَلالةٌ» أَيْ:
القولُ بعِلمِ البَاطِن بِدْعةٌ في الدِّين، وضلالةٌ عنِ الحَقِّ، والعِلْم لا
يَحْصُل إلاَّ بالتَّعلُّم على العلماءِ الربانييِّن؛ ولهذا يقول ابنُ القَيِّم
رحمه الله:
والجَهْلُ دَاءٌ قَاتِلٌ وشِفَاؤُهُ **** أَمْرَانِ فِي
التَّرْكِيبِ مُتَّفِقَانِ
نَصٌّ مِنَ القُرْآنِ أَوْ مِنْ سُنَّةٍ **** وَطَبِيبُ ذَاكَ العَالِمُ الرَّبَّانِي
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2310)، ومسلم رقم (2580).
الصفحة 2 / 199