×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قَال المُؤلِّف رحمه الله: وكلُّ عِلمٍ ادعَاه العبَاد مِن عِلمِ البَاطِن لم يُوجدْ في الكِتَاب والسُّنة، فهُو بِدعةٌ وضَلالَة، ولا ينبَغِي لأَحدٍ أَن يعْملَ به، ولا يَدعُو إِليْه. 

**********

 بإِخْوانِك المسلمين، فإِذا ثبَت لك أَنَّ هذا المسلمَ عليه ملاحظةٌ، فإِنَّك تُنَاصِحُهُ سرًا وتَسْتُرُ عليه، قال صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ» ([1]) ولا تَفْضَحْهُ وتُشَهِّرْ به في المجالس، بل عليكَ أَنْ تُنَاصِحُهُ سِرًّا بَيْنَك وبَيْنَه مع السِّتْرِ عليه.

عِلْم البَاطِن عند البَاطِنيَّة مِن الإِسمَاعيليَّة وغيرِهم الذين يَقولُون: إِنَّ للنُّصوصِ ظَاهرًا وبَاطنًا، البَاطِنُ لا يعرِفُه إلا خُواصُّهُم، وأما الظَّاهر فهذا عِندَ العامَّة، يقولُون: المُرادُ بالصَّلاة الدُّعاء، فمنْ دَعا فقد صَلَّى، ليسَ المرادُ الصَّلواتِ الخمسِ وصلاةُ النافلةِ، ويقولُون: المرادُ بالزَّكاةِ طَهارة النَّفسِ وتَنْقية النَّفس وليسَ المُرادُ زكاةَ المالِ، ويَقولُون: المُرادُ بالصِّيام كَتْم أَسرارِهم ومَذهبِهمْ، ولذلكَ هُمْ يُسمَّون بالمُنظماتِ السِّريَّة، ويَقولُون: الحَجُّ معناه الذَّهابُ إلى مَشايخِهم، وليْسَ المُرادُ الذهابَ إلى بيتِ اللَّهِ لِلحَجِّ والعُمْرةِ.

قَولُهُ: «وهو بِدْعةٌ وضَلالةٌ» أَيْ: القولُ بعِلمِ البَاطِن بِدْعةٌ في الدِّين، وضلالةٌ عنِ الحَقِّ، والعِلْم لا يَحْصُل إلاَّ بالتَّعلُّم على العلماءِ الربانييِّن؛ ولهذا يقول ابنُ القَيِّم رحمه الله:

والجَهْلُ دَاءٌ قَاتِلٌ وشِفَاؤُهُ **** أَمْرَانِ فِي التَّرْكِيبِ مُتَّفِقَانِ

نَصٌّ مِنَ القُرْآنِ أَوْ مِنْ سُنَّةٍ **** وَطَبِيبُ ذَاكَ العَالِمُ الرَّبَّانِي


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2310)، ومسلم رقم (2580).