×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

والله جل وعلا خاطبَ الرِّجالَ بالنِّكاحِ قالَ تعَالى: ﴿وَأَنكِحُواْ ٱلۡأَيَٰمَىٰ مِنكُمۡ [النور: 32] هذا خطابٌ للرِّجالِ، فأمرَ الرِّجالَ بإنكاحِ الأيامَى يعني الَّذينَ ليسَ لَهُم أزواجٌ، والحديث: «لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ»، وفي حديث: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» ([1]) ثلاث مرات، الوَلِيُّ يكونُ مانعًا حصينًا لها من التَّلاعبِ، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَاكُمْ»، الخطابُ للأَوْلياءِ «مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ فَزَوِّجُوهُ» ([2])، والله نَهى عن العَضْلِ: أنْ يَمنعَ الوَلِيُّ مَوْلِيَتَهُ من كُفءٍ رضيتْ به، ولا يكفي أنْ تَرْضَى بِهِ، ولكن لابدَّ أن يكُونَ كُفْأً أيضًا، لابُدَّ من الأمرَيْنِ: أنْ يكُونَ كُفأً وأن ترضَى به، والكَفاءةُ لا يعْرِفُها إلاَّ الرِّجالُ، أهلُ العُقولِ، لا تعرِفُهَا النِّساءُ صاحباتِ العواطفِ والنُّفوسِ الضَّعيفةِ.

قولُه: «وأَيُّما امرأةٍ وهبتْ نفسَهَا لرجلٍ» هِبةُ المرأةِ نفسَهَا لرجل هذا خاصٌّ بالرَّسُول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿وَٱمۡرَأَةٗ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنۡ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسۡتَنكِحَهَا خَالِصَةٗ لَّكَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۗ [الأحزاب: 50]؛ لأنَّ الرَّسُول ولِيٌّ للأمةِ.

قولُه: «يُعاقبان إن نالَ منها شيئًا» فإنْ تزَوَّجته بدونِ إذن وليِّها فإنه يُفرق بينهُمَا ويُعاقبان على ذلك؛ لأن هذا العقدُ فاسدٌ.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (2083)، والترمذي رقم (1102)، وابن ماجه رقم (1879)، وأحمد رقم (24205).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (1084)، وابن ماجه رقم (1967)، وسعيد بن منصور في «سننه» رقم (590).