وحَمَّاد بن زَيْدٍ، ومَالِك بن أَنَس،
والأَوْزَاعِيّ، وزَائِدة بن قُدَامة؛ فاعلمْ أنه صَاحِب سنَّة»؛ لأن هَؤلاء من
رُواة السنَّة، ومن حُفاظ الحَديث، وعُلماء الجَرح والتعدِيل.
فالذِي يُبغضهم يُبغض أعمالَهم الطيِّبة وهو حِفظهم للسنَّة والعِناية بها،
بأسانيدِها ورِوايتها ورَدّ الكَذِب والوَضْع عنها، فهم لم يَبْغَضُوهم إلا
لعملِهم في السنّة هذا العَمَل الجَليل الذِي حفظَ اللهُ به سنةَ رسولِه صلى الله
عليه وسلم.
قولُه: «وإذا رَأيت الرجُل يُحب أحمدَ بن
حنبلٍ، والحَجّاج بن المنهَالِ، وأحمَد بن نصرٍ، وذكرَهم بخيرٍ، وقال بقَولهم،
فاعلمْ أنه صَاحب سنَّة» هؤلاء هم الأئمَّة الذِين امْتُحِنُوا على القَول
بخلقِ القُرآن، فأَبَوْا أن يَقولوا بذلك في وَقْت المَأمُون والمُعتَصِم
والوَاثِق.
امتحنُوهم بسَبب المُعْتَزِلَة؛ لأن المعتزلةَ صَاروا حَاشِية للخُلفاء،
وصَاروا مُستشارين لهم فأثَّروا عليهم وأدخلُوا عليهم مذهبَ الاعتزالِ وأَفْتَوْهم
بإلزامِ الناسِ بالقَوْل بخَلق القُرآن فحَصلت مِحنةٌ عظيمةٌ، وقفَ منها الإمامُ
أحمدُ الموقفَ الصلبَ والجَبل الشَّامخ.
ولم يَقدِروا منه على شَيءٍ، بل صَمَدَ ووَقَفَ وصَبَرَ على العَذَاب
والإهانَة والسَّجْن، حتى نصرَ اللهُ به هذا الدينَ، وقَمَعَ به هؤلاء
الزَّنَادِقة، ومن العُلماء من قُتِل مِثل أَحمد بن نَصرٍ وغَيره، وابن نُوح،
فقُتِلَ منهم أُناسٌ أَبَوْا أن يقولُوا بخلقِ القُرآن فقَتَلُوهم، والإمَام أحمَد
عذَّبوه، وطالبَ المُعتزلة بقتلِه، لكن اللهَ نجَّاه من القَتْل، وعَصَمَ
الخَلِيفة
الصفحة 2 / 199