×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤلِّف رحمه الله: والمِحْنَة في الإسلامِ بِدعةٌ، وأما اليومَ فيُمْتَحَنُ بالسنَّة: لقوله: «إن هذا العِلمَ دِينٌ فانظرُوا عمَّن تأخذونَ دِينكم»، وقوله: «لا تَقبلوا الحديثَ إلا مِمَّن تَقْبَلُون شَهادتَه» فتنظُر فإن كانَ صَاحبَ سنَّةٍ له مَعرفةٌ صدوقًا كَتبت عنه وإلا تركتَه.  

**********

 قولُه: «والمِحنة في الإسلامِ بدعةٌ، وأما اليومَ فيُمتحَن بالسنةِ» الأصلُ في المسلمِ الخيرُ وإحسانُ الظنِّ به ما لم يَظهرْ منه خِلاف ذلك، هذه هي القَاعِدة، فالمُؤلِّف يقولُ: ما دامَ المُسلم لم يَظهر منه إلا الخَيْر فإننا نَقْبَل منه الخَيْر، حتى المُنافِق.

الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَبِلَ ظاهرَ المُنافقين، ووَكَلَ سَرَائِرَهم إلى اللهِ سبحانه وتعالى، فما دامَ أنه لم يَظهرْ منه شيءٌ فأنت تُحسِن الظنَّ به، لكن إذا ظهرَ منه بُغْضٌ للسنَّة، ولأهلِ السنَّة؛ فحينئذٍ فاحذرْهُ، هذا مَعنى قوله: «والمِحنَة في الإسلامِ بِدعَة» يعني أي مُسلِم لم يَظهر منه سُوءٌ فلا تَمْتَحِنه.

«وأما اليومَ» أي: في وَقتِه فصَارَ يُمتحَن بالسنَّة، لأنها كَثُرَت الفِرَق الضالَّة التي تَدَّعِي الإسلامَ، فلا بُدَّ أن يُعرَف من هو على السنَّة، ولا يُغتَرّ بكونه يَدَّعِي الإسلامَ.

فالذِي يُحب أهلَ السنةِ هذا دليلٌ على أنه مِن أهلِ الخَير، والذِي يُحب أهلَ البِدعة هذا دليلٌ على أنه مِن أهلِ الشرِّ.

قولُه: «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ»، التعلُّم يكونُ على أَيدِي عُلماء أهلِ السنَّة، ولا يكُون على أيدِي عُلماء البِدعة.

قولُه: «لا تَقْبَلُوا الحديثَ إلا مِمّن تقبلونَ شهادتَه» يعني: لا تَقبلوا من الرُّواة للحديثِ إلا من تقبلونَ شهادتَه عند القاضِي،


الشرح