قال ابْنُ
مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَصِيَّةِ مُحَمَّدٍ
صلى الله عليه وسلم الَّتِي عَلَيْهَا خَاتَمُهُ فَلْيَقْرَأْ قَوْلَهُ تَعَالَى:﴿قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ
رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ﴾ إِلَى
قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُ﴾»([1]) الآية [الأنعام: 151- 153].
****
ابْنُ مَسْعُودٍ: هو عَبْدُ اللهِ
بْنُ مَسْعُودٍ بنِ غَافِلٍ بنِ حَبِيبٍ الهُذَلِيُّ، صَحَابيٌّ جليلٌ من
السَّابقِين الأوَّلِين، من كِبار علماء الصَّحابة، لازَم النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم، وتُوُفِّيَ سنة 32هـ.
«وَصِيَّةِ»: هي الأمْر المُؤكَّدُ
المُقرَّرُ.
«خَاتَمُهُ»: الخاتم بفتح
التَّاء وكسرِها: حَلْقةٌ ذاتُ فَصٍّ من غيرها، وخَتَمْتُ على الكتاب بمعنى
طَبَعْتُ.
المَعْنى
الإْجْماليُّ للأَْثَر: يذْكُر ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أنَّ الرَّسُول
صلى الله عليه وسلم لو وَصَّى لم يُوصِ إلاَّ بما وَصَّى به اللهُ تعالى، فإنَّ
الله قدْ وصَّى بما في هذِه الآيات، لأنَّه سبحانه قد خَتَم كُلَّ آيةٍ منها
بقَوْلِه: ﴿ذَٰلِكُمۡ
وَصَّىٰكُم بِهِ﴾، وإنَّما قال ابْنُ
مَسْعُودٍ ذلك لمَّا قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ
الرَّزِيَّةِ ما حال بيننا وبيْن أنْ يَكْتُب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وَصِيَّتَه، فذكَّرهم ابْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه أنَّ عندهم من القرآن ما
يكفيهم، فإنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لو وَصَّى لم يُوصِ إلاَّ بما في
كتاب الله.
مُناسَبة هذَا الأَْثَر لِلْباب: بيان أنَّ ما ذُكِر في هذِه الآياتِ كما هو وَصِيَّة الله فهو وَصِيَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم يُوصِي بما أوْصى الله به.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3080)، والطبراني في معجمه «الأوسط» رقم (1208).