ولأحمدَ بسندٍ
جيِّدٍ عن ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ
مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ
الْقُبُورَ مَسَاجِدَ»([1]). ورواه أَبُو
حَاتِمٍ في صحيحه.
****
وقولُه: «وكُلُّ
موضعٍ قُصِدَتْ الصَّلاةُ فيه فقد اتُّخِذ مسجدًا»؛ لكونه أُعِدَّ للصَّلاة
وإن لم يُبْنَ.
وقولُه: «بل كُلُّ
موضعٍ يُصلَّى فيه يُسمَّى مسجدًا» أي: وإن لم يقصد بذلك بخصوصه، بل أوقعت فيه الصَّلاة
عَرَضًا لمَّا حان وقتُها فيه.
وقولُه: كما قال النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم: «جُعِلَتْ لِي الأَْرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»
أراد به الاستدلال
للجملة التي قبله، حيث سمَّى صلى الله عليه وسلم في هذَا الحديثِ الأرْضَ مسجدًا،
تجوز الصَّلاة في كُلِّ بُقْعَةٍ منها إلاَّ ما استثناه الدَّليل.
«شِرَارُ النَّاسِ»: بكسر الشين جمع
شرٍّ، أفعل تفضيل.
«مَنْ تُدْرِكُهُمُ
السَّاعَةُ»: أيْ: مقدِّماتها: كخروج الدَّابَّة، وطلوع الشَّمس من مغربها.
«يتَّخِذُونَ
القُبُورَ مَسَاجِدَ»: أيْ: بالصَّلاة عندها وإليها.
المَعْنى الإْجْماليُّ لِلْحديث: يُخبِر صلى الله عليه وسلم عمَّن تقوم السَّاعة عليهم وهم أحياءٌ أنَّهم شِرار النَّاس، ومنهم الذين يُصَلُّون عند القبور وإليها ويبنون عليها القِباب، وهذَا تحذيرٌ لأُمَّته أن تفعل مع قبور نبيِّهم وصالحيهم مِثْلَ فِعْل هَؤُلاءِ الأشرارِ.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (4342)، وابن حبان رقم (6847)، والبزار في «مسنده» رقم (1724).